X

مقال أعجبني

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • الجازية
    Thread Author
    Free Membership
    • Nov 2018 
    • 237 
    • 22 

    العيش خارج القضية


    فرق كبير بين أن تحترم الشيء و بين أن تعتنقه و أكبرمن ذلك الفرق هو الفرق بين من يعيش للإسلام و بين من يعيش في الإسلام .


    كلنا نجلس على باب محكمة كبيرة أسمها " محكمة المبادئ "


    يدخل فيها المتهمون و يحاكمهم القضاة والبقية من الناس يجلسون على باب المحكمة

    يتناقشون حول جدوى قضية هذا و صدق ذاكفيما يقول و حمق ذاك فيما ارتكب مع أن حيثيات القضية لا يعرفها

    إلا من جلس على الطاولة و شق صدره و قال هذا ما أريد فحاسبوني عليه بينما الذين لا يملكون فيصدورهم شيئا أو على الأقل يجبنون عن ممارسة مبادئهم تجدهم يلوكون قضايا الناس ويغضبون لهم مع أنهم يغضبون لأنفسهم و ينتقدونهم مع أنهم يمارسون شبق الكلام

    ليس إلاو لهذا كثر الكلام في العصر الأخير

    و زادت الآراء مع أن أصول القضايا كانت موجودة سابقا فلا شيء جديد


    و لهذا قال عليه السلام أن من علامات الساعة " أن يفشو القلم " و ليس في هذا إشارة لكثرة المثقفين و لكن فيه إشارة إلى كثرة المتنصلين من القضيةفالذي يعيش القضية يعبر عنها بيده و رجله و لسانه و لكن لأن


    أكثر الناس سيمارسون "كتابة التقارير المجانية عن بعد "

    و سيصير واحدهم مجرد ماكنة إكس ري أو ماكنة كشف الأسلحة على ابواب المطارات لا يجيد إلا ترديد " طوط " كلما رأى ما لا يروقه ثميسكت و يترك مناقشة شكوكة لأناس آخرين يحبون تفسير " التطويط " كما يحلو لهم ويمضون أعمارهم فيه مع أن ذلك الجهاز ربما قال "


    طوط " لأن ثمة سبيكة ذهبية مدسوسة في قلب ذلك المار لا يفقه هذا الجهاز " محدود البصيرة " ماذا تعني و لماذا تستخدم !.


    التكوين النفسي و العقلي لأي مجتمع شيء لا إرادي تقريبا فهناك قلة قليلةتستطيع عزل قلوبها بشيء من الحذر والجراة على مناقشة كل شيء و الشجاعة في مواجهةالمجهول و كذلك الهمة لطلب الحقيقة بينما يقبع


    البقية تحت " المبدأ الممكن " و " الفكرة المتاحة " و يتعاملون مع


    المعرفة كما يتعامل الجائع مع بطنه يسد رمقه بأيشيء يزيل أعراض الألم و لو كان بربط الحجارة على بطنه أو استفاف التراب ! . نحنب حاجة لأن نفكر " بشكل جماعي " لأن أكثر الأفكار الجماعية المتداولة


    أفكار شخصية تم تعميمها لتخدم شخوصا بينما المبدأ العام الصادق لابد أن يكون نتاج تجربة جماعية تملي حلا شرعيا منطقيا يكفل محاصرة المشكلة .

    روى الشافعي وعبد الرزاق وغيرهما بإسناد حسن كما قال ابن حجر ,

    عن علي - رضي الله عنه- قال :كان المجوس أهل كتابي قرؤونه وعلم يدرسونه فشرب أميرهم الخمر فوقع على أخته فلما أصبح دعا أهل الطمع


    فأعطاهم وقال: إن آدم كان ينكح أولاده بناته فأطاعوه وقتل من خالفه


    فأسرى على كتابهم وعلى ما في قلوبهم منه فلم يبق عندهم منه شيء . لهذا كان النبي صلى الله عليه و سلم يربط الناس بالكتاب و السنة و


    قال :" تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلنتضلوا كتاب الله و سنتي " . هذا مع أنه سبحانه أعلى شأن أهل العلم و قد أخبر رسولالله صل الله عليه و سلم أن أهل العلم باقون و لله الحمد


    فلا يقال بأننا في جاهلية و لا يقال لا يوجد عالم اليوم فالخير موجود و يبقى لكل فرد من هؤلاء ما يزينه و مايشينه كما هو حال إخوانهم من كبار أهل العلم الذين لم يسلم منهم أحد من هفوة و زلة ,


    و ليس لأجل هذا كتب الموضوع و لكن فقط ليعلم المسلم أن " الأمانة "

    التي لم تحملها الجبال أقل ما يدخل فيها أن يعرف الإنسان ربه و دينه على الوجه الصحيحب مجهود شخصي لا يعذر في بذله اليوم أحد ,


    ومن بؤس الحال والله أن يتقاتل الناس على توكيل السائق على الصبية الصغار هل يذهب بهم و يحضرهم ثم لا يناقشون توكيل كل ملتحٍ أو حامل مشلح لينقل لهم رسالة الله فلا يقرأون في الدين

    و لا يحاولون فهم مرادالله لأنهم يحسبون " كل مريح منطقي و كل جميل مقبول " .

    لهذا حرص الدين على التحذير من كل الذين يلعبون دور " الممثل الشرعي " لدين الله و قد اختصرهم عمر بن الخطابكما في الأثر الصحيح عنه : عن زياد بن حدير قال : قال لي عمر : هل تعرف ما يهدمالإسلام ؟


    قال : قلت : لا . قال : يهدمه زلة العالم وجدال المنافق بالكتاب وحكم الأئمة المضلين " . رواه الدرامي , و قوله " جدال منافق " هو تفسير لقوله صلى الله عليه و سلم في تفسير الرويبضة " الرجل التافه يتكلم في أمر العامة " أي ينصب نفسه موجها للرأي العام مع أنه لا يمتلك مقومات الفهم الشرعي لإرادات الله .

    و قوله تعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " لا ينقض قوله تعالى " إنا أرسلنااليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا " و قال تعالى عن كتابه على لسان نبيه " لأنذركم به و من بلغ " و لا قوله :" إنا أطعنا سادتنا و كبراءنا فأضلونا السبيلا "


    و الكبراء يدخل فيهم الوالد و الوالدة فما فوق في طبقات الرعاةفي المجتمع بلا استثناء . و هذا ما ذكره صلى الله عليه و سلم في حديث زياد بن لبيدقال ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فقال : " ذاك عند أوان ذهاب العلم " . قلت : يا رسول الله وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا ويقرؤه أبناؤناأبناءهم إلى يوم القيامة قال : " ثكلتك أمك زياد إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة أوليس هذه اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل لا يعملون بشيء مما فيهما " . رواه أحمد و هو حديث صحيح .


    المعنى أن الإسلام ليس " ثقافة معرفية " بل هو عقيدةعملية و إذا علمت هذا علمت لماذا تحاول كثير من الجهات " إبطال " المبادئ الإسلامية الجماعية الفاعلة مثل الجهاد و مثل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و كذلك الدعوة لله

    و التجمع على ذلك لأن هذه الأشياء تخلق " رابطة عضوية " يمتزج فيها المبدأ بالصوت و الصورة و الحركة و الآمال فينشأ لدينا " تجمع جديد خارج نطاق السيطرة "


    لأنه يتحرك تبعا لمبادئ عليا يرى أصحابها أنه لا يحق لأي أحد أن يلعب فيها دورالوسيط و طالما أن هناك جهة عليا ترى نفسها " خارج نطاق التوجيه "

    فلابد أن مثل هذا سيعلم الناس تخطي تلك الجهة إلى ما هو أعلى منها و لهذا كان ماركس محقا عندما قالبأن التاريخ هو مجرد


    " تاريخ الصراع بين الطبقات " فكل طبقة تحاول أن تفرض هيمنتها على الأخرى و الإسلام جاء ليربط الجميع بطبقة معرفية واحده وصفها الشافعي رحمه الله فقال : " إنما يؤخذ العلم من أعلى !! " .

    إخوتي في الله ,

    ما نمر به اليوم يجعلنا فعلا نفكر هل هذا السلام الاجتماعي سلام حقيقي أم مستأجر ؟؟

    لا يلبث صاحبه أن يسحبه و يلقينا بعدها في هوة الخوف لا يعرف بعضنا بعضا و لا يعين بعضنا بعضا فقط لأننا أمضينا سنين حياتنا في تفتيت


    أنفسنا و شرذمة جهودنا بين همومنا الشخصية و بين أمراضنا الاجتماعية الناتجة عن " العلف الفكري الفاسد " الذي تفرزه لنا آلات


    صناعة المجتمع مثل الاعلام الموجة و سياسة العصا و الجزرة التي يمارسها أصحاب مزارع الأرانب ؟؟.


    لهذا ينبغي أن ندعو إلى " الجماعة الفكرية " قبل الجماعة الاجتماعية لكي نحيا نفس القضية و نشترك في نفس الصراع و لكي أدير ظهري لأخي و أناموقن تماما أنه لن يجعله مطية لعدوي و كلما ارتقينا على


    " سلّم القضية " زادالأعداء و زاد الأصدقاء إلى أن نصل إلى " القضية الأم "

    و هي الخروج من الجنة والصراع على مستوى الشياطين و البشر المؤمنين و كان هذا واضحا في قوله تعالى " إنالما طغى الماء حملناكم في الجارية " يمتن الله علي و عليك أنه حملنا في ظهر نوح في السلالة التي لم تنقرض و يشير إلى كرمه الذي سبق وجودنا بآلاف السنين لنفهم أن القضية واحده و أن نوح منا و نحن منه و أننا مازلنا نقاتل كما قاتل و نجتمع كمااجتمع مع أهل السفينة ثم كل يجازى بعمله يوم القيامة ! .

    هكذا هي الحال و هذه هي القضية !





    *،*،*،*،*



    نقلاً عن الكاتبة والباحثة



    الأستاذة حواء آل جدة



Working...
X