X

عُضوٌ وعُضوةٌ ( بيانٌ )

واحة اللّغة العربيّة

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • سناء
    Thread Author
    VIP
    • Nov 2018 
    • 467 
    • 408 
    • 939 

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    عُضوٌ وعُضوةٌ



    قال أبو تراب الظاهريّ -رحمه الله- في لجام الأقلام ما نصّه:

    ( عضوة وعضو قال أبو تراب :
    في الغلط والفصيح من غريب ما سمعناه أنهم قالوا :
    هي عضوة في لجنة كذا. إلخ،
    ويجمعونها عضوات وتلك جرأة على اللغة،
    وعدوان على الفصاحة،

    والعضو مُذكّر مُفرد على الإطلاق جمعه أعضاء؛
    فلا تقول عن العين مثلا أو الرئة هي عضوة من الجسم؛

    وإنما هى عضو فقط؛ حيثما كانت، وكيفما وقعت؛
    فعلى الكتاب أن يقول هي عضو في لجنة كذا لا عضوة.

    قلت: وقد اجاز ذلك مصطفى جواد في كتابه قال: فلانة عضوة،
    ولا تقل عضو،
    والسبب في ذلك أن العضو نقل من الإسمية إلى الوصفية؛
    كما قيل في الشلو وهو العضو شلوة وفي الثبج، وهو الوسط ثبجة؛


    ... ... ... ...

    قال النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأبي بن كعب؛
    - وقد أعطاه الطفيل بن عمرو الدوسي قوسًا جزاءً على إقرائه القرآن -:
    " تقلّدها شَلوة مِن جَهنّم ".

    قال الشريف الرضيّ في كتاب المجازات النبوية:
    وإنما قال شلوة، ولم يقل شلوًا؛
    لأنه حمل على معنى القوس، وهى مؤنثة والشّلو العُضو.


    وجاء في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لوائل بن حجر الحضرميّ:
    {وانطو الثبجة قال ابن الاثير في النهاية :
    أي اعطوا الوسط في الصدقة،
    لا من خيار المال ولا من رذالته والحقها هاء التأنيث؛
    لانتقالها من الإسمية إلى الوصفية،
    ثم إن العرب يتساهلون في التأنيث.


    قال الجوهري في الصحاح الكوكب النجم؛
    يُقال كوكب وكوكبة كما قالوا: بياض وبياضة وعجوز وعجوزة،
    ثم ذكر إنهم قالوا: منزل ومنزلة .



    ... ... ... ...

    وعلى هذا يقال للممثلة البارعة؛
    أي الحاكية الماهرة كوكبة لا كوكب قال أبو تراب:
    وإطلاق العضو على فرد من جماعة اصطلاح جديد؛
    ليس له متمسك بالاستعمال العربي القديم؛

    فلو أبدل به العضد لكان خيًرا فيقالَ:
    فلان عضد في الجماعة وهؤلاء أعضاد بدل عضو وأعضاء؛
    لأن العضو عظم وافر بلحمه ونحو ذلك،
    وأما العضد فهو المعين الذي لا يفارق وهى كلمة قرآنية،

    قال الله تعالى :{وما كنت مُتّخذ المُضلين عضدًا
    وقال :{سنشُدّ عضُدك بأخيك}، ويقالُ: هو عضدي وهم أعضادي.



    ... ... ... ...

    ومن محاورات العرب: وهنت أعضاد بيته وارفع أعضاد الدبرة؛
    وهي جدرها التي تمسك بالماء (وحوض مُثلم الأعضاد
    وهي نواحيه وفلان عضادة فلان إذا كان لا يفارقه،
    ويقول الرجل لصاحبه: كفاني بكما عضادتين أي مُعينين،
    وهي مجازات من قولهم: فلان معضود من الله وتوفيقه.

    وهم إذا يقولون: فلان عُضو في المجمع يعنون به المعين العامل،
    فالعضد له اليق تسمية وصفية واطبق على معناهم ومرادهم،
    أما قوله عليه الصّلاة والسلام:
    (مثلُ المؤمنين في توادّهم وتراحُمهِم وتعاطُفهم؛
    كمثلِ الجَسد الواحِد إذا اشتَكى منهُ عُضو؛
    تداعى له سائِرُ الجَسد بالحُمّى والسّهر

    فذاك مثال وحدة الكيان،
    ومرادنا بيان عمل الأركان ومن فهم الفرق بينهم رشد.



    ... ... ... ...

    أما دعوى عدم ورود عضوة في اللغة
    ،
    فإذا أريد بها عدم الاستعمال فهي دعوى صحيحة،
    وقياسها على شلوة غير سائغ عند من يتقيد بالمسموع،
    وإن انتقلت من الإسمية الوضعية لكونه مُحدثًا،
    وإذا أريد بها نفي صيغتها فهي مردودة عندي؛
    لأنه ورد لفظها بمعنى القطعة والفرقة وهى العضوة في الأصل،
    ويقال عضو وعضوة بالكسر والضم وبعضها يجعل أصلها عضهة؛
    فهي إما ناقصة الواو وإما ناقصة الهاء.



    ... ... ... ...

    وفي القرآن المجيد: (وجَعَلوا القُرآنَ عِضينَ)، واحِدتها عِضة وهي من الأسماء الناقصة،
    قالوا: أصلها عضوة فنقصت الواو كما قالوا: عزة وأصلها عزوة،
    وثبة وأصلها ثبوة من ثبيت الشيء إذا جمعته.

    وفي حديث ابن عباس في تفسير (( جَعَلوا القُرآن عِضين ))؛ أي جزّأوه أجزاءً.
    وقال الليث: أي جعلوه عضة عضة فتفرقوا فيه؛
    أي آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه وكل قطعة عضة ،
    وقال ابن الأعرابيّ: معناه فرّقوا فيه القول فقالوا شِعر وسِحر وكِهانة،

    وقال المشركون: (( أساطير الأولين ))؛ فقسموه هذه الأقسام وعضوة أعضاء.
    وقيل: إن أهل الكتاب آمنوا ببعض وكفروا ببعض؛
    كما فعل المشركون أي فرقوه كما تعضى الشاة وتعضيتها تفريق لحمها؛

    كما في حديث جابر في التبكير بصلاة العصر بحيث لو ان رجلا نحر جزورًا بعدها، وعضاها؛
    أي فرقها وفصل أعضاءها لوجد الشمس بعدئذ لم تغرب
    ).


    ... ...

    انتهى كلام أبي تراب رحمه الله بنصّه.



    * المصدر/ مُلتقى أهل الحديث.


    وفّقكم اللهُ.
Working...
X