قال أحد الصالحين : (( تالله ما عدا عليك العدو إلا بعد أن تخلى عنك
المولى فلا تظن أن العدو غلب ولكن الحافظ أعرض )).اهـ
وفي هذه الكلمة الثمينة فوائد :
* منها : أنه ما كان لعدوك عليك من سلطان عندما كنت مع المولى ولكن
بعد أن تخليت كان الجزاء أن تخلى الله عنك فأنت الذي أكسبته الجراءة
عليك ببعدك عن راعيك.
* ومنها : أن الذنب دخل عليك بمصيبتين :
الأولى : أن تخلى الله عنك ، فخذلك ، وأسلمك لعدوك ، فلست لحفظه
ورعايته أهلاً ، فقد ضيعت الله ؛ ومن ضيع الله ضيعه الله ، وأَعْظِم بها من
مصيبة.
الثانية : أَنْ تَسَلَّطَ عليك العدو فصرت بذنبك مملوكاً ، رقيقاً ، رهين عدو لا
يرحم ، ولا يخاف الله فيك.
* ومنها : أن أعداء الله لا ينتصرون على أوليائه ، وأنه تعالى لا يُسْلم
أوليائه ، فإن الله غالب وليس بمغلوب ، قال تعالى : ﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ
الْغَالِبُونَ ﴾(1).
وقال أيضاً : ﴿ كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِي . . . ﴾(2).
فمن غالب الله غلبه الله ، (( ولَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الغَلابِ )).
إذن إنما دخل عليك عدوك ؛ بذنوبك ، ومعاصيك ، فدعها ولا تُعِنْ عدوك
على نفسك ؛ فتهلك.
وهذا لبيان حقيقة الداء فإن الداء الحقيقي الذي تعاني ولا تشكو(!) ؛ هو
الذنب والخطيئة ، والغفلة عن الله ، والأماني الزائفة ، وتسويف التوبة ،
واتباع الهوى.
وهذا الذي ذكرتُهُ أمر مهم جداً فيما أنت فيه فكن فَطِناً لَبيْباً ينعم الله
عليك ، ويُنير لك الطريق(3).
ـــــــــــــــ
(1) سورة الصافات الآية : (173).
(2) سورة المجادلة الآية : (21).
(3) مواساة العليل
الجُنة من الجِنة
منقول