الصحابي الصغير الذي تبرأ من عمه
وكذبه الصحابة .. فصدقه القرٱن
عمير بن سعد رضي الله عنه
جلس النبي عليه الصلاة والسلام مع أصحابه في المسجد
يعلمهم ، ويربيهم ، ويزكيهم
وانطلق شاب صغير مُلئ حكمة وإيماناً ، اسمه عمير بن سعد
ودخل على عمه ، وهو شيخ كبير في الستين من عمره
ولكن النفاق في قلبه كالجبال، يصلي مع الناس في المسجد
ويصوم ويعتمر ، ولكنه مكذب بالرسالة والرسول
فقال عمير بن سعد :
يا عماه ، سمعت الرسول عليه الصلاةد والسلام
يخبرنا عن الساعة حتى كأني أراها رأي العين
فقال الجُلاس بن سويد وهو عمه : يا عمير
والله إن كان محمد صادقاً، فنحن شر من الحمير
فانتقع وجه عمير بن سعد، واهتز جسمه، وانتفض كيانه
وقال :
يا عم ، والله إنك كنت من أحب الناس إلى قلبي
والله لقد أصبحت الآن أبغضهم إلى قلبي جميعاً
يا عم ، أنا بين اثنتين ؛
إما أن أخون الله ورسوله
فلا أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام بما قلت
وإما أن أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام وليكن ما يكون
ولكن ما معنى كلمة الجُلاس هذه ؟
معناها : الكفر بلا إله إلا الله
وعدم تصديق الرسول والاعتراض عليه
قال الجُلاس بن سويد :
أنت طفلٌ غرٌ لا يصدقك الناس، فقل ما شئت، فذهب عمير
وجلس أمام الرسول ، عليه الصلاة والسلام، وقال :
يا رسول الله، الجُلاس بن سويد، خان الله ورسوله، وهو عمي
وقد تبرأت إلى الله ثم إليك منه
قال الرسول، عليه الصلاة والسلام : وماذا قال ؟
قال عمير : قال :
لو كان محمد صادقاً ، لنحن شر من الحمير !!
فجمع الرسول عليه الصلاة والسلام الصحابة
واستشارهم في هذا الأمر ، فقالوا :
يا رسول الله ، هذا طفل صغير لا تصدقه
فهو لا يعي ما يقول ، والجُلاس بن سويد يصلي معنا
وهو شيخ كبير ، وعاقل
فسكت عليه الصلاة والسلام ، ولم يصدق هذا الغلام
وسالت دموع هذا الغلام، وانتفض جسمه
والتفت إلى السماء ، حيث القدرة ، حيث علم الغيب
توجه إلى الذي يعلم السرّ وأخفى ثم قال :
اللهم إن كنت صادقاً فصدقني
وإن كنت – يا رب – كاذباً فكذبني
فوالله ما غادر مجلسه ، ولا قام من المسجد
إلا وجبريل ينزل بتصديقه من فوق سبع سماوات
{ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ
وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلَٰمِهِمْ }
[ التوبة : 74 ]
واستدعى الرسول الجلاس فسأله عن الكلمة
فحلف بالله ما قالها، فقال عليه الصلاة والسلام
يقول الله :
{ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ
وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلَٰمِهِمْ }
أما أنت يا جُلاس ، فقد كفرت بالله ، فاستأنف توبتك
فإن الله تعالى يقول: فإن يتوبوا يكُ خيراً لهم [ التوبة :74 ]
واستدعى الرسول عليه الصلاة والسلام عمير بن سعد
وقال له :
(( مرحباً بالذي صدقه ربه من فوق سبع سموات ))
فيا له من جيل ٍ تعجز عن وصفه الكلمات
وتخجل أمام وصف صدقه وإخلاصه وقوة إيمانه العبارات !
المصادر :
======
-ذكره السيوطي في الدر المنثور ( 3/463 ، 464)
وعزاه لابن أبي حاتم ، وعبد الرزاق ، وابن المنذر
.