X

مناظرات النرجس والورد ,, المشهد - 2 .

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • أنيس
    Thread Author
    VIP
    • Sep 2018 
    • 1283 
    • 585 
    • 1,001 

    احمر خد الورد والتهب وظهرت في وجهه صورة الغضب على ما قاله النرجس وقال :
    يا قويّ العين ويا لون اللجين ، خلّ عنك الحماقة ، ولا تدخل في باب مالك به طاقة فلقد استحقيت المقت، ولا أبالي بك ولو برقت ,
    كيف تفاخر بصفارك حمرة الخدود ومن أين لبياض أجفانك المغازلة للعيون السود، أتناظر بعماشك عيون الملاح؟ ما أنت يا عيون النرجس إلا وقاح ,
    أتعيرني بحسن الابتلاء وهو الفضل ، وقد قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نحن معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء ثم الأمثل فالأمثل) ,
    طالما ابتليت فصبرت وما شكوت حالي بل شكرت أبيت بزفرة لا تخمد وأدمعي تتحدر وانفاسي تتصعد أحبس بلا ذنب وأعصر فتجري دموعي
    وما هي إلا مهجة تذوب فتقطر وما ضر ابراهيم إلقاؤه في نار النمرود ولا شان يوسف سجنه مع فضله المشهود
    مع أني طالما لثمت الثغور والعناق وفزت بالشم والضم والعناق زكا مني الأصل والفرع ولا انزل بواد غير ذي زرع
    وأقسم ببديع حسني وتسبيح أوراقي وسموّي عن مراعاة النظير بتوجيه طباقي ما أنت مجانسي في المقابلة ولا موازني في المشاكلة ولا لاحقي في الطي والنشر
    وأنا سيد زهر الربيع ولا فخر فلا تطل الشقاق والنفاق لا بدّ لك من الوقوف في خدمتي ولو قامت الحرب على ساق
    أي فضل لك في التقديم وكم بين الحبيب والكليم وإن أردت كشف التلبيس فتفكر في فضل آدم على ابليس ،
    وكم بين الشمس والنجوم - وما منا إلا له مقام معلوم - وهل أنت إلا من بعض جنودي والمبشرين بورودي وأنا منك بالفضل أولى - وللآخرة خير لك من الأولى - وأنشد :

    لم يزدك التقديم في الفضل شيئاً ... وأنا ما نقصت بالتأخير
    بيننا في القياس فرق لطيف ... مثل ما بين يوسف والبشير

    فحدق النرجس وحولق ، ورفع رأسه بعد أن أطرق، وقال :
    إن افتخرت بآثارك فليست العين كالأثر ، وإن كنت مباشر الثغور ، فأنا إلى حسن النظر مع أنهم أرخصوا بك في التعسير ، وما عصروك عن ذنب كبير ،
    ولو لم تكن من المتمردين والنجاس ، ما حبسوك في قماقم النحاس . أنت في افتخارك كما قالت الحكماء أنف في الماء واست في السماء،
    تتطفل على الموائد ، ولا تصبر على طعام واحد ، وأقسم بقدي الرشيق ولوني الشريق وبياض صحائفي واخضرار سوالفي
    لئن لم تصن بهجتك المسبوكة وتستر فضائحك المهتوكة لأقطعن طرقك المسلوكة وأجعلن حرفتك متروكة
    ولن اترك لك في عصبة الأزهار شوكة ولأذيقنك عذاب الهون ، أتعيبني وكلك عيوب وكلي عيون
    أنا طبعي الوفاء ، وأنت طبعك الغدر ، وأنا أوّل من تنشق عنه الأرض من الزهر ولا فخر ،
    ولولا خشية التطويل عددت معايبك على التفصيل ، ولكن شيمتي غض الطرف في المجلس ، وما أحسن الغض من النرجس ،
    وإن تشبهت بالشمس أنا بكسوفك شامت، وإن كنت من السيارة فأنا من النجوم الثوابت ،
    وشتان بين طالع وآفل ، وكم بين مقيم وراحل ، وإن لم ترجع إلى السكينة والوقار لأريك النجوم بالنهار ،
    أين قضبان الزمرد من شوك القتاد ، وكم بين مريد ومراد ،
    وأقسم بمن زين السماء بزينة الكواكب، إن لم ترجع لأرمينك بشهاب ثاقب ،
    وأسلط عليك رجوم نجومي، وأقول مضمناً قول ابن الرومي :

    عجبت للورد إذا وفى بناظره ... وزاد في تقوّله عجباً وفي شططه
    يبدو وطياته من حول حمرته ... كصرم بغل وباقي الروث في وسطه

    كفانا الله من شرِّ هذا الصراع إبداع القلم و همس اليراع , وسيتبع ما بعده بحول الله
    ومني الشكر ..



    من كتاب : نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن
Working...
X