X

خان الجمرك خانات دمشق العثمانية

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • مرجان الأطرش
    Thread Author
    مشرف المنتديات العامة
    • Sep 2018 
    • 513 
    • 190 
    • 228 



    خانات دمشق العثمانية - خان الجمرك




    الخارطة معدلة بواسطة الباحث ومأخوذة من كتاب الآثار الإسلامية في مدينه دمشق / تأليف كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر

    يقع بيدستان مراد باشا أو ما يسمى اليوم بخان وسوق الجمرك داخل أسوار مدينة دمشق القديمة الى الغرب من سوق المسكية و جنوب خان المرادية و سوق الحميدية .
    يحده غربا جادة السليمانية ، ويحده جنوبا خان الزعفرنجية ، و يحده شمالا جادة البورص ، و يحده شرقا سوق القلبقجية وقسماً من خان الشيخ قطنة ، وهو من خانات الفترة العثمانية البالغ عددها بتلك الفترة حوالي مئة و تسعة و ثلاثون خاناً.. لم يبق منها إلا القليل .



    أمر ببناء هذا الخان الوالي العثماني مراد باشا سنة 1017 للهجرة الموافق 1608 للميلاد وقد أوقف ريعه على مجاوري و فقراء الحرمين الشريفين ، وجاء بنائه واصلا بين جادة السليمانية و بين جادة سوق الحرير على شكل زاوية قائمة على شكل حرف L باللغة اللاتينية ضلعها الطويل يبدأ من دخلة السليمانية شمالا لينتهي ضلعها الصغير بسوق الحرير شرقا ، و نستطيع القول أن شكل بنائه كان فريدا بين خانات دمشق الشام



    اتسمت خانات دمشق العثمانية بروح فن أعمال الديكور و التقنيات الشامية الدمشقية وخاصة الأبواب و الواجهات الداخلية الممزوجة بالألوان التزيينية و أعمال اللصق الفني لإطار البوابات الحجرية الخارجية . وقد استخدمت هذه التقنية في العصر المملوكي لملء المنحوتات الحجرية المتعددة المعاجين الملونة ، ولكن هذا الاستخدام بلغ أوجه في الكمال و الديكور مع خضوعه لأسلوب التغيير الجوهري العثماني في النصف الثاني من القرن السادس عشر و النصف الأول من القرن السابع عشر مما مهد الطريق لعمليات اللصق الرائعة للواجهات في القرن الثامن عشر و التي شملت الخانات و المساجد على حد سواء .



    ومن خلال الزيارتين الميدانيتن للخان صيف 2004 و بداية عام 2010 ، كان الخان كما هو لم يتغير ، و يتألف الخان من طابق واحد على خلاف ببقية الخانات في دمشق والتي كانت مؤلفة من طبقتين ، وهو على شكل صالة كبيرة ترتكز على عضائد قوسية أبلقية يستند عليها تروس ضخمة تحمل فوقها عدد ستة قباب متوسطة الحجم ذات رؤوس رمحية بدون رقبة و فيها نوافذ صغيرة لإضاءة صالات الخان ، وفي الصالة حوالى ستون مخزنا متنوعا .


    صورة لضلع خان الجمرك بداية سنة 2010

    ملتقطة من جلدة القلبقجية أي من الشرق الى الغرب و يبدو عمق هذا الخان لينتهي بالضلع الثاني القائم عليه و الواصل الى جادة السليمانية ، ويظهر باب الخان و قد فتح على مصراعين لتمكن الباعة من عرض بضاعتهم باستغلال هذه المساحة الكبيرة ، مما افقدني إمكانية تصوير الباب ككل .



    وللخان كبقية خانات دمشق ... له باب كبير الحجم ، ذو مصراعين كبيرين ، مصفح بلوائح معدنية كبيرة و مثبت عليه مسامير ضخمة ، تشبه إلى حد كبير طراز أبواب مدينة دمشق المصفحة ، يعلوه قوس وفوق القوس كانت اسفكه الباب وعليها وقفية هذا الخان ( ولكن لأسف لم أتمكن من مشاهدة وقفية الخان ) .
    والباب مبني من المداميك الأبلقية و الحجارة السوداء و البيضاء بالإضافة إلى المدكك بارتفاع ستة أمتار ،
    أما جبهة الباب العلوية فهي من الحجارة الأبلقية يتوسطها نافذة باب الخان وعليها شبك حديدي .



    يبدو في الصورة الملتقطة في بداية سنة 2010 بعدسة الباحث عماد الأرمشي امتداد بناء سقف الخان و المرتكز على الأعمدة القوسية الأبلقية الحاملة لتروس القباب و البالغ عددها ستة قباب من الحجم المتوسط في تعداد شكل قباب دمشق مما يعطي انطباعاً ( بالروحانية الشرقية ) من جهة البناء و لاختفاء أشعة الشمس عنه و بذلك يعتبر من أجمل الخانات الشرقية المائلة في دمشق لغاية اليوم .



    صورة أخرى ملتقطة في بداية سنة 2010 بعدسة الباحث عماد الأرمشي لامتداد بناء سقف الخان و المرتكز على الأعمدة القوسية الأبلقية الحاملة لتروس القباب و البالغ عددها ستة قباب و يبدو في نهاية بناء الخان البوابة الشمالية للخان و المطلة على جادة السليمانية .


    قباب خان الجمرك الستة ذات الرمح عام 1905

    ومرجعا الى الصورة الفوتوغرافية الوثائقية الهامة الملتقطة عام 1905 للميلاد ، لمحلة سيدي عامود ( الحريقة اليوم ) تظهر قباب خان الجمرك الستة ذات الرمح بشكل واضح و جلي و كذلك تظهر قباب خان الشيخ قطنا وكذلك البيوت العربية القديمة قبل أن تلتهمه نيران القصف الفرنسي الهمجي عام 1925 للميلاد .


    صورة لإحدى قباب خان الجمرك الستة ملتقطة من داخل الخان



    مرجعا لوثائق سجلات المحكمة الشرعية في دمشق بعام 1249 للهجرة الموافق 1834 للميلاد .. كان هذا الخان يدعى ( مركز جمارك التتن والطومباق ) ، ولعل هذه المادة ( التوتون و التنباك ـ الدخان ـ كان عليها جمارك بتلك الأيام ) ، وفي عام 1270 للهجرة الموافق 1853 تحول اسم الخان من بيدستان مراد باشا الى خان الجمرك .

    وقد ذكر الدكتور الشهابي في دمشق تاريخ و صور بسياق حديثه عن سوق الحميدية فقال أن خان الجمرك كان مركزا للجمارك ، وفي سنة 1864 انتقلت ملكية خان الجمرك من ورثة الوالي مراد باشا إلى ديمتري أفندي شلهوب و جعله سوقا تجاريا كبيرا . انتهى .


    بيت الخواجا شمعايا أفندي

    ومرجعا لما ذكر المؤرخ العلبي في دمشق بين عصر مماليك و عثمانى أن شمعايا أفندي اشترى البيدستان من ورثة ديمتري أفندي شلهوب في عام 1269 للهجرة الموافق 1879 للميلاد وجعل فيه سوقا للصرافة والصيارفة ، وتجارة الأموال ، كما هو متبع لدى معظم الجاليات اليهودية أينما وجدت ... فإنها تتعامل مع الأموال و غسيل الأموال .. ، علاوة عن الحركة النشطة للسوق بتلك الفترة . فتحول اسمه من خان مراد باشا الى اسم خان شمعايا أفندي التاجر اليهودي المعروف من أثرياء مدينة دمشق في نهايات القرن التاسع عشر .
    وقد ورد أن عائلة التاجر الثري شمعايا أفندي أقامت دعوى قضائية في عام 1904 للمحكمة الشرعية بشان الخان و لم نتمكن معرفة التفاصيل ، وقد تأثر الخان بالحريق الذي شب في سوق الحميدية بربيع 1912 مما أدى إلى تلف أقسام كبيرة منه ، وحسب ما ذكر السيد فوزي الخطيب أن خان المرادية و بيدستان مراد باشا قد أعيد بنائها من خلال عائلة الخطيب بعد حريق عام 1912.



    وفي 27 تموز سنة 1920 للميلاد شب حريق هائل في سوق الحميدية بعد أيام من دخول قوات الانتداب الفرنسية بقيادة الجنرال غورو واحتلال دمشق ، وكان هذا نذير شؤم على البلد .


    كان حريقا مهولا بدأ من محلات سنجر لماكينات الخياطة عند منتصف السوق ، و امتد الى سوق العصرونية و كذلك الى خان الجمرك وكادت النار أن تطال الجامع الأموي الكبير والتي استمرت لمدة ثلاثة أيام متواصلة ، مما اضطر الحكومة آنذاك إلى هدم الكثير من البيوت باستخدام الديناميت لإيقاف امتداد النيران حتى تم السيطرة عليها في النهاية ، وأعيد ترميم الخان عدة مرات وهو في الحقيقة من أجمل المعالم الأثرية الموجودة في تلك المنطقة .



    وقد تحولت فعاليات الخان في العصر العثماني المتأخر فصار مقرا لاستقبال قوافل التجارة القادمة من الحرمين الشريفين الى اسطنبول ، وكذلك للقوافل القادمة من الهند و المتوجه الى أوروبا و بالعكس ، حيث كانت قوافل الجمال والبغال المحملة بمختلف أنواع البضائع من البهارات الهندية و البغدادية و كذلك العطور و مختلف أنواع الأقمشة والمجوهرات و التوابل و لوازم أسواق البزورية و المسكية و الصاغة .... كانت تحط رحالها في هذا الخان و في مخازنه مما جعله مركزا هاما لضبط هذه القوافل و تنظيم رحلاتها و جمع الرسوم و الضرائب العثمانية عليها فصار مركزا هاما للجمارك .


    خان وسوق الجمرك كما ذكره الريحاوي ملاصقا لخان المرادية وهو اليوم يمتد من سوق اتفضلي يا ست (كما تسميه العامة) إلى سوق الحرير، ويستخدم الآن لبيع جميع الأقمشة النسائية و البروكار .

    في مدخل الخان من جهة جادة السليمانية تمركزت بما نسميه اليوم مكاتب التخليص الجمركي لتخليص البضائع و دفع رسومها أصولا ، في حين أن صفقات التبادل التجاري و البيع و الشراء يتم داخل الخان و توزيعها على الحانات الباقية المتخصصة بالأسواق المجاورة للخان ، ثم ما لبثت أن اختفت هذه المكاتب و تحولت الى محال تجارية باختفاء مكتب الجمرك من الخان .



    إعداد : عماد الأرمشي
    باحث تاريخي بالدراسات العربية والإسلامية لمدينة دمشق


    الصور :
    ـ موقع دمشق بالأبيض و الأسود / Facebook
    المهندس هادي البحرة
    المراجع :
    ـ الوقف مصدرا للتاريخ العمراني والاجتماعي / جان بول باسكوال
    ـ دمشق بين عصر مماليك و عثمانى / د. أكرم حسن العلبي
    ـ روائع التراث في دمشق / د. عبد القادر الريحاوي
    ـ نشرات وزارة السياحة السورية / خانات دمشق
    ـ دمشق تاريخ و صور / د. قتيبة الشهابي
    ـ مجتمع و عمارة مدينة دمشق العثمانية بالقرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين للباحث شتيفان فيبر من جامعة برلين الحرة بألمانيا بحث لنيل درجة الدكتوراه
    Stadt, Architektur und Gesellschaft des osmanischen Damaskus im 19. und frühen 20. Jahrhundert - Weber, Stefan, Universitat Berlin
    ـ الآثار الإسلامية في مدينه دمشق / تأليف كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر، تعريب عن الألمانية قاسم طوير، تعليق الدكتور عبد القادر الريحاوي
    - Damaskus: die islamische Stadt / Carl Watzinger & Karl Wulzinger


Working...
X