X

المدرسة الشامية الكبرى المدارس الأيوبية في دمشق

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • مرجان الأطرش
    Thread Author
    مشرف المنتديات العامة
    • Sep 2018 
    • 513 
    • 190 
    • 228 




    المدارس الأيوبية في دمشق / المدرسة الشامية الكبرى
    المدرسة الشامية البرانية للباحث
    عماد الأرمشي



    تعتبر المدرسة الشامية البرانية الكبرى من أقدم الأوابد الأثرية الأيوبية الماثلة عياناً إلى يومنا هذا في مدينة دمشق الشام . ومن هنا أحببت أن أفرد بحثاً خاصاً عنها لأهميتها التاريخية والاجتماعية والثقافية في تلك الفترة ، وما تلاها من عهود في العصر المملوكي والعثماني ... حتى تلاشى دورها مع قيام المدارس الحكومية في دمشق في بدايات القرن العشرين .




    تقع المدرسة الشامية البرانية الكبرى خارج حدود أسوار مدينة دمشق القديمة في محلةٍ كانت معروفة بالعونية او العينية .. و تسمى اليوم بسوق ساروجا .
    يحدها من جهة الغرب التربة العلائية والتربة النجمية ، ويحدها من جهة الشرق شارع جديد هو شارع الثورة ، ومن جهة الشمال جادة سوق ساروجا ، ومن جهة الجنوب حمام القرماني يفصل بينهما شارع الإتحاد العربي ( سوق العتيق سابقاً ) .



    بوشر ببنائها عام 582 للهجرة الموافق 1187 ، وتم الفراغ منها عام 587 للهجرة الموافق 1191 للميلاد بأمر من السيدة الجليلة المصونة ست الشام الكبرى " فاطمة خاتون " ولقبها (عصمة الدين ) بنت الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان .
    وست الشام الكبرى " فاطمة خاتون " : هي زوجة ابن عمها ناصر الدين بن أسد الدين شيركوه صاحب حمص ، وشقيقة الملك نور الدولة شاهنشاه بن الأمير نجم الدين أيوب صاحب بعلبك ، وشقيقة المعظم شمس الدولة تورانشاه بن الأمير نجم الدين أيوب صاحب الإسكندرية ، وشقيقة السلطان الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي سلطان الديار المصرية و البلاد الشامية محرر بيت المقدس ، و شقيقة الملك العادل سيف الدين بن الأمير نجم الدين أيوب سلطان مصر و الشام من بعد أخيه ، وشقيقة ظهير الدين سيف الإسلام طغتكين بن الأمير نجم الدين أيوب صاحب اليمن ، وشقيقة ربيعة خاتون "الصاحبة " بنت الأمير نجم الدين أيوب واقفة المدرسة الصاحبية بصالحية دمشق .



    الرسم الهندسي من تنفيذ الأستاذ المبدع خلدون زين الدين على برامج المحكاة الثلاثية الأبعاد

    حكى ابن كثير في تاريخه أن واقفة المدرستين الشامية البرانية موضوع بحثنا هذا ، و الشامية الجوانية الواقعة في جنوبي البيمارستان النوري بدمشق : هي الخاتون الجليلة ست الشام بنت نجم الدين أيوب رحمها الله ، وهي أخت الملوك وعمة أولادهم وأم الملوك وكان لها من الملوك المحارم خمسة وثلاثون ملكاً .
    كانت سيدة الخواتين في زمنها ، أطلق عليها أهل الشام لقب " ست الشام " لكثرة برها وصدقاتها ، وكانت من أكثر النساء صدقة وإحساناً إلى الفقراء ، والمحتاجين ، والمساكين ، وتعمل في كل سنة في دارها قبلي البيمارستان النوري ألوف من الذهب : أشربة .. أدوية .. عقاقير .. معاجين .. وغير ذلك فيفرق على الناس ، وكان بابها ملجأ للقاصدين ... وتقول المراجع التاريخية أنها كانت أكثر النساء كرما ، وورعا ، وأنها نذرت نفسها ‏‏طوال حياتها لفعل الخيرات .



    وحظيت مدرستها هذه بشهرة كبيرة في بلاد الشام وخارجها وكانت أكبر مدارس الفقه ، أوقفتها الخاتون عصمة الدين على العلماء المتفقهة من أصحاب الإمام الشافعي ، ‏مثلما كانت النورية للحنفية ، والعونية للحنابلة ، وكانت أيضا ‏تشهد إقامة الحفلات الرسمية التي يحضرها العلماء والأمراء و أكابر القوم .

    وهي من اكبر المدارس .. وأعظمها ، وأكثرها فقهاء ، وأكبرها أوقافاً منها : وقفها السلطاني وهو قدر ثلاثمائة فدان حده قناة الريحانية إلى أوائل القبيبات إلى قناة حجيرا ودرب البويضة ومنه الوادي التحتاني المسمى وادي السفرجل وقدره نحو عشرين فدانا ، ومنه بستان الصاحب غربي المصلى ، ومنه ثلاثمائة من الكروم وهي من الأفدنة ، ومنه طاحونة باب السلامة ، وحاكورة متعددة وغير ذلك من الأوقاف .... التي لم يبق لها سوى رسمها في الكتب .



    وحتى تضمن الخاتون ست الشام استمرار ما أوقفته على المدرسة الشامية البرانية ، ولكي لا يتعدّى عليه أحد ، أرسلت وكيلها ابن الشيرجى .. وإلى قاضي القضاة زكي الدين .. ليحضرا إليها بدارها فحضرا ومعهم أربعون عدلاً من أعيان دمشق ، ليشهدوا على أنها أوقفت أملاكها على تلك المدرسة .
    وبذلك ظلت المدرسة التي عُرفت بالشامية البرانية قبلة للعلم والعلماء طوال العصر الأيوبي ، واستمرت حتى العصر المملوكي فالعثماني ، فخرّجت الكثير من العلماء والفقهاء والمحدِّثين والمفسرين ومشايخ بلاد الشام ، وأول من درّس بها الفقيه الكبير الشيخ تقي الدين بن الصلاح ، ثم من بعده شمس الدين الأعرج ، ثم شمس الدين المقدسي ، ثم شرف الدين ابن عمر الزكي وبعده اثنان وأربعون مدرسا إلى أن اتصلت بابن قاضي عجلون ثم بسراج الدين الصيرفي ثم جماعات منهم البدر الغزي والشيخ إسماعيل النابلسي والحسن البوريني والنجم الغزي وغيرهم الكثير .
    وكان من شرط الخاتون ست الشام أن لا يجمع المدرس بينها وبين غيرها من المدارس ، وهذا ما سلط الضوء على طبيعة الحركة التعليمية بالعصر الأيوبي ، فمن المدرسين من كان يقتصر عمله في مدرسة واحدة ، ومنهم من كان يجمع بالتدريس بين أكثر من مدرسة .



    يتم الدخول إلى حرم المدرسة من البوابة الشمالية ، ويتألف صحنها من فسحة سماوية كبيرة مستطيلة الشكل فيها أقواس أبلقية البناء من الحجر الأبيض والأسود والمزي تغطي الرواق الشمالي للصحن . ويتوسط الصحن بركة حجرية مستطيلة الشكل تتناسب مع صحن المدرسة وكانت تستخدم بالماضي كميضأة للمدرسة و الجامع . ويتقدم حرمها كما شاهدت عياناً رواقاً .. هذا الرواق يرتكز على دعائم حجرية ضخمة للوصول الى حرم قاعة الدرس و بيت الصلاة عبر بوابة كبيرة الحجم ، تقع في مركز الحرم ، و يتاخمها بوابتان أصغر حجماً منها متوجتان بنوافذ مفتوحة وهي محمولة أيضاً على أقواس ، ولعل هذا البناء .. هو البناء الوحيد الأصلي المتبقي من أصل بنائها .



    كما يرتفع في الزاوية الشرقية لمبناها ؛ مئذنة حجرية ضخمة أيوبية الطراز خالية من المقرنصات وبقية العناصر التزيينية وهي ذات جذع حجري مربع بسيط ومتقشف في عمارته ضخم في محيطه ، طويلة شاهقة الارتفاع في جذعها السفلي تعلوها شرفة خشبية وحيدة مربعة أخذت شكل الجذع تغطيها مظلة خشبية أخذت شكل الشرفة متوجة بذروة بصلية حجرية ورمح و أربعة تفاحات و هلال مغلق .



    وتعتبر المدرسة الشامية البرانية : من أكبر و أضخم المدارس التي أنشأت في دمشق ، ويستعمل البناء حاليا كمسجد فقط بعد أن أفل نجم المدرسة .. وصار يعرف بين أهل الشام من العوام بجامع الشامية .
    وتعتبر أيضا وشقيقها جامع التوبة .. من أبرز مساجد الدولة الأيوبية شهرة بدمشق ، وقد صمدا سويا رغم احتراقهما وتدميرهما أكثر من مرة ، وتكمن أهميتهما التاريخية في كونهما أقدم تحفتين إسلاميتين تضاف إلى الكثير من التحف ‏‏التاريخية الأيوبية المنتشرة في دمشق .



    في عام 793 للهجرة الموافق 1390 للميلاد ، احترقت المدرسة الشامية البرانية تماما أثناء فترة حكم السلطان المملوكي الظاهر سيف الدين برقوق ، و قد أعيد بناؤها من جديد .
    وقد ذكر ابن خلكان ، وعماد الدين ابن كثير : أن ست الشام أعطتنا درساً في أصول الرحمة وصلة الرحم حين أمرت ببناء تربة بجانب المدرسة لتضم رفات شقيقها الأكبر الملك المعظم شمس الدولة فخر الدين تورانشاه بن نجم الدين أيوب المتوفى في الإسكندرية بشهر صفر عام 576 للهجرة الموافق شهر تموز 1180 .
    وكان الملك تورانشاه كريما ، جوادا ، شجاعا ، باسلا ، عظيم الهيبة كبير النفس ، واسع الصدر، افتتح بلاد اليمن عن أمر أخيه السلطان صلاح الدين الأيوبي .
    فمكث فيها حينا واقتنى منها أموالا جزيلة ، ثم استناب فيها ، وأقبل نحو أخيه إلى الشام شوقا إليه ، وكان قدومه إليه في سنة إحدى وسبعين ، فشهد معه مواقف مشهودة وغزوات محمودة ، واستنابه على دمشق مدة ، ثم سار إلى مصر فاستنابه على الإسكندرية ، فلم توافقه ، وكان يعتريه القولنج فمات بها .. رحمه الله تعالى ، ودفن بقصر الإمارة فيها .



    ثم نقلته بعد سنتين من وفاته أخته ست الشام " فاطمة خاتون " إلى دمشق فدفنته في تربتها إلى جانب مدرستها من غربها في القبر القبلي من القبور الثلاثة بالتربة .

    ومكتوب على قبره ما نصه :

    بسم الله الرحمن الرحيم /
    كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ /
    ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ توفي السعيد الشهيد /
    الملك المعظم فخر الدين توران شاه الأجل بن نجم الدين /
    أيوب قدس الله روحه و نور ضريحه بالإسكندرية /
    شهر صفر سنة ست و سبعين و خمسمائة و نقل إلى دمشق /
    في سنة ثمان ..... نقل إلى ها هنا في شعبان سنة أثنين و ثمانين .
    Tûrânshâh's Tombstone.
    صورة لشاهدة قبر الملك المعظم فخر الدين توران شاه



    ويوجد في غرفة الأضرحة ، و بالوسط قبر زوجها وابن عمها ( الملك القاهر ناصر الدين شرف الدولة أبو عبد الله سعيد محمد بن أسد الدين شيركوه بن شادي بن مروان ) صاحب حمص والرحبة ، والذي توفى في حمص بالتاسع من ذو الحجة عام 581 للهجرة الموافق لشهر آذار 1186 للميلاد ، ثم نقلته ست الشام إلى دمشق ، وكانت قد تزوجته بعد أبي ابنها حسام الدين عمر بن لاجين .


    ومكتوب على قبر زوجها وابن عمها ( الملك ناصر الدين سعيد محمد بن أسد الدين شيركوه ) الآية القرآنية ( آية الكرسي ) :

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الله لا إله إلا هو الحي القيوم*لا
    تأخذه سنة ولا نوم* له ما في السموات و
    ما في الأرض* من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه*
    يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم*ولا يحيطون
    بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض*



    وفي القبر الأول يضم ( رفاتها ، ورفات ابنها الأمير حسام الدين أبو عبد الله محمد بن عمر بن لاجين ) الذي توفى ليلة الجمعة 20 رمضان عام 587 الموافق في 11 تشرين الأول 1191 للميلاد ، وهو الذي يلي مكان الدرس ، ويسميها الشوام التربة والمدرسة الحسامية ، نسبة إلى ابنها هذا حسام الدين عمر بن لاجين ، وكان من أكابر العلماء عند خاله ( صلاح الدين الأيوبي ) وعند ابن خاله من بعده الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين ملك دمشق الذي تألم كثيراً على وفاته ، رحمهم الله تعالى جميعاَ وأجزل لهم الثواب.

    و مكتوب على القبر الثالث قبر ابنها ( الشمالي ) ما نصه:
    بسم الله الرحمن الرحيم /
    هذا قبر المولى الأمير الأسفهسلار /
    الأجل الغازي الشهيد السعيد حسام الدين أبي عبد لله محمد بن /
    عمر بن لاجين قدس الله روحه و نور /
    ضريحه توفي ليلة السبت العشرين من شهر رمضان
    من سنة سبع و ثمانين وخمس مائة /
    الحمد لله وحده و صلواته على سيدنا /
    محمد و آله و صحبه الطبيين الطاهرين و سلم تسليما .



    مخطط يبين موقع المدرسة الشامية و الترب المجاورة لها في سوق ساروجا ، ويبدو موقع المسجد و غرفة الأضرحة الثلاثة ظاهرة بالرسم ، وقد أطلق المستشرقان الألمانيان كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر على المدرسة اسم المدرسة الشامية و التربة الحسامية .

    و الجدير بالذكر أن غرفة الأضرحة كما هو واضح بالمخطط ، تقع في غربي قاعة الدرس و حرم بيت الصلاة ، يفصل بينهما باب يؤدي إلى غرفة الأضرحة ، و لم أستطع تفسير عدم وجود ( قبة ) فوق غرفة الأضرحة كما هو متعارف عليه في الترب و الأضرحة المبنية في دمشق بتلك الحقبة ، وتم الاكتفاء ببناء قبوات متعامدة و متصالبة مدببة قليلاً غاية الجمال .



    قبوات غرفة الأضرحة ذات الزخارف الجميلة واضحة تماماً كما نفذها الأستاذ خلدون زين الدين . لها سقف مضلع عجيب في صنعته و زخرفته ، وهو من أروع تحف الزخرفة الجصية بدمشق لجمال شكله وحسن هندسته و جمال خطوطه الكوفية .



    و نلاحظ هنا جمال الزخارف الجصية المرسومة على سقف و جدران غرفة الأضرحة ذات التناسق البديع في كل قبوة من قبوات سقف الغرفة ، و ذات ألوان بديعة ما زالت محافظة على شكلها ورسمها الأصلي ذات طراز الأرابيسك الهندسي .. و أشرطة التزيين و الخطوط العربية ذات الخطين الكوفي و النسخي أيضا ، رغم مرور قرون على رسمها و إبداعها .



    الأشرطة التزيينية على جدران غرفة الأضرحة وقد تخللتها رسوم من الخطوط العربية ذات الخطين الكوفي و النسخي مرسومة بشكل بديع على الجدار الجنوبي لغرفة الأضرحة و فوق المحراب المزدان بالرسوم الهندسية على نفس الجدار ، ومازال محافظاً على شكله القديم رغم مرور قرون على وجوده ، وتحت سقف الأضرحة الثلاثة الآنفة الذكر ... قد تهدمت في حقب سابقة .. فجددتها دائرتا الأوقاف و الآثار ، فأعادتا إليها جمالها ورونقها .



    وفي آخر نهار يوم الجمعة في السادس عشر من شهر ذي القعدة عام 616 للهجرة الموافق 16 كانون الثاني 1220 للميلاد ‏... توفيت هذه المرأة الجليلة القدر الصالحة سيدة الخواتين ست الشام ، العظيمة الشأن ، كان لها شأن كبير .
    ومن وجهة نظري ( تحليل شخصي ) بعد أن قرأت جملة كثيرة و كثيرة جداً من البحوث عنها لمختلف المؤرخين أقول : لقد جُمع لها ما لم يُجمع إلا لنساء معدودات على الأصابع في التاريخ العالمي والإسلامي ، وقد وهبها اللّه سبحانه وتعالى من نعمة التفضّل والإحسان والإكثار من أنواع البر و الصدقات ما يعجز التاريخ أن يذكر لأمثالها .
    وإنّها نعمة كبيرة ... وفضل عظيم ... أن تكون امرأة في ذلك القدر ... وفي تلك الأبهة و الجاه والسلطان ، فتصرف همها عن شهوة السلطة ... ومآرب السياسة ... إلى أبواب الخير ... والصلاح والنفع العام ... وأن تسخر غلمانها ، و وصيفاتها لخدمة المسلمين من الضعفاء و المحتاجين .
    و قد بلغ من حبّها للعلم .. أنها صرفت كل همها لتعليم ابنها حسام الدين عمر بن لاجين علوم الدين و الفقه الشافعي ، و كان لها ما أرادت .
    و أبرز ما قامت به هو إنشاؤها مدرستين عظيمتين بدمشق : هما المدرسة الشامية البرانية و المدرسة الشامية الجوانية ( و إنشاء الله أن تكون هاتين المدرستين في ميزان حسناتها ) .


    صورة نادرة و نقية للجامع الأموي و مئذنة العروس التقطها من الشرق الى الغرب المصور الفرنسي فيلكس بونفليس Felix Bonfils إبان تواجده في بلاد الشام عام 1870 للميلاد

    وفي آخر نهار يوم الجمعة في السادس عشر من شهر ذي القعدة عام 616 للهجرة الموافق 16 كانون الثاني 1220 للميلاد ، توفيت بدارها المجاورة للبيمارستان النوري قرب الأموي ، وأوصت بها لتكون مدرسة أيضا ، و سُميت بعد وفاتها رحمها الله تعالى : المدرسة الشامية الجوانية .
    ونُقل جثمانها إلى تربتها بالشامية البرانية ، وكانت جنازتها مهيبة ، شهدها معظم سواد أهل الشام ، وصلى عليها حشد مهول بجامع دمشق الكبير ، عقب ظهر يوم السبت ، وامتلأ الأموي بالمصلين كهيئة يوم الجمعة ... حتى خرج الناس لتشييعها من أربعة أبواب البلد : الفرج والفراديس والجنيق والسلام ، وأقل ما قيل في عدد من شهدها أربعمائة وخمسون ألفاً ... وقيل أكثر من ذلك ، وحُملت على الرؤوس ، وأُلحدت في قبر ابنها حسام الدين عمر بن لاجين ، بعد 29 سنة من وفاته ، وتركت أوقافاً ، وأربطة بدمشق كلها لرعاية العلم و العلماء رحمها الله تعالى .



    وهناك خطأ شائع في اسم هذه السيدة الجليلة ، فقد ذكرت بعض المصادر التاريخية أن اسمها ( زمرد خاتون بنت الأمير نجم الدين أيوب بن شادي بن مروان ) وهذا خطأ تاريخي بحقها .
    والصحيح هو ( فاطمة بنت الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان ) ، و زمرد خاتون ، أو زمردة خاتون هي ( بنت ابنها حسام الدين لاجين ) التي كانت في كنفها .. ورعايتها .. بعد وفاة ابنها : الأمير حسام الدين ، وكانت زمرد خاتون صالحة ، تقية ، نقية ، كما هي جدتها فاطمة خاتون ست الشام الكبرى .
    وذكر القاضي الشيخ ( ابن شداد ) عز الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن إبراهيم الأنصاري الحلبي ثم الدمشقي ، في كتابه الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة ، و الشيخ عبد القادر بن محمد النعيمي ، بكتابه الدارس في تاريخ المدارس أن الخاتون ست الشام بنت نجم الدين أيوب بن شادي أوقفت أوقافا على المدرسة الشامية ، و كذلك على بنت ابنها ( زمرد خاتون ) بنت حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين ، ثم على أولادها ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ، ثم على أولاد أولادها ، ثم على أنسالهم .



    ومرجعا إلى اللوحة التعريفية المعلقة على باب المدرسة الشامية و المقامات التابعة لها ما نصه :
    المدرسة الشامية : أنشأتها ست الشام فاطمة خاتون بنت أيوب أخت صلاح الدين سنة 582 هجرية . و دفنت فيها سنة 616 هجرية و قبرها هو الشمالي من القبور الثلاثة . إلخ ( انظر اللوحة )

    كذلك قال شيخ الإسلام تقي الدين السبكي في فتاويه الكبرى في أوقاف الشاميتين الجوانية و البرانية :
    هي جميع الدار بدمشق ومنه بظاهر دمشق ضيعة تعرف ببزينة وحصة مبلغها أحد عشر سهماً ونصف سهم من أربعة وعشرين سهما تعرف بجرمانا من بيت لهيا ، ومنها أربعة عشر سهما وسبع من أربعة وعشرين سهماً من ضيعة تعرف بالتينة من جبة عسال ، ومنه جميع الضيعة المعروفة بمجيدل القرية ومنه نصف ضيعة تعرف بمجيدل السويدا وقفاً على ( الخاتون ست الشام بنت نجم الدين أيوب بن شادي ، ثم على بنت ابنها زمرد خاتون بنت حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين ) ثم على أولادها لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ثم على أولاد أولادها ثم على أنسالهم ، كذلك فإذا انقرضوا ولم يوجدوا عاد على الجهات التي يأتي ذكرها فالدار مدرسة على الفقهاء والمتفقهه الشفعوية المشتغلين بها على المدرس بها الشافعي قاضي القضاة زكي الدين أبي العباس الطاهر أحمد بن محمد بن علي القرشي أن كان حياً فإن لم يكن حياً فعلى ولده ثم ولد ولده ثم نسله المنتسبين إليه ممن له أهلية التدريس .
    فعلى المدرس الشافعي بهذه المدرسة ومن شرطهم أن يكونوا من أهل الخير والعفاف والسنة غير منسوبين إلى شر وبدعة والباقي من الأملاك على مصالح المدرسة وعلى الفقهاء والمتفقهه المشتغلين بها وعلى المدرس بها قاضي القضاة زكي الدين أو من يوجد من نسله ممن له أهلية التدريس وعلى الإمام المصلي بالمحراب بها والمؤذن بها والقيم المعد لكنسها ورشها وفرشها وتنظيفها وإيقاد مصابيحها .



    يبدأ من ذلك بعمارة المدرسة وثمن زيت ومصابيح وحصر وبسط وقناديل وشمع ، وما تدعوا الحاجة إليه وما فضل كان مصروفاً إلى المدرس الشافعي وإلى الفقهاء والمتفقهه وإلى المؤذن والقيم فالذي هو مصروف إلى المدرس في كل شهر من الحنطة غرارة ومن الشعير غراره ومن الفضة مائة وثلاثون درهماً فضة ناصرية ، والباقي مصروف إلى الفقهاء والمتفقهه والمؤذن والقيم على قدر استحقاقهم على ما يراه الناظر في أمر هذا الوقف من تسوية وتفضيل وزيادة ونقصان وعطاء وحرمان وذلك بعد إخراج العشر وصرفه إلى الناظر عن تعبه وخدمته ومشارفته للأملاك الموقوفة وتردده إليها وبعد إخراج ثمانمائة درهم فضة ناصرية في كل سنة تصرف في ثمن بطيخ ومشمش وحلوى في ليلة النصف من شعبان على ما يراه الناظر .
    ومن شرط الفقهاء والمتفقهه والمدرس والمؤذن والقيم أن يكونوا من أهل الخير والدين والصلاح والعفاف وحسن الطريقة وسلامة الاعتقاد والسنة والجماعة وأن لا يزيد عدد الفقهاء والمتفقهه المشتغلين بهذه المدرسة عن عشرين رجلاً من جملتهم المعيد بها والإمام وذلك خارج عن المدرس والمؤذن والقيم إلا أن يوجد في ارتفاع الوقف نماء وزيادة وسعة فللناظر أن يقيم بقدر ما زاد ونما ، هذا صريح في جواز الزيادة عند السعة بقدرها ومعرفة قدر الزيادة .
    هذا ما علمناه والظاهر أنه مأيوس من معرفته في هذا الوقت فأنه يستدعي معرفة حال الوقف وبسطه في قريب كراسة كبيرة من أراد فراجعه انتهى .
    ورد سرد و ترجمة واسعة لهذه المدرسة العظيمة في كتاب الآثار الإسلامية في مدينه دمشق / للبعثة الألمانية - العثمانية التي قامت بإجراء مسح ميداني شامل لكافة الأبنية الأثرية القديمة في مدينة دمشق ، تأليف المستشرقان الألمانيان كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر فذكراها بإسهاب كبير ، لمن أراد التوسع بالمعرفة ، فعليه بهذا الكتاب القيم .



    تضائل حجم المدرسة مع مرور الزمن ، وما وصلنا من ذكر المؤرخين عنها : أن الموجود الآن إنما هو قسم منها ، وقد أصبح القسم الباقي من المدرسة عبارة عن مسجدها ، وبركة كبيرة للماء في ساحة صحنها ، وكانت تتغذى من ساقية مياه عين الكرش ، ويوجد بعض حجرات فوقانية متروكة خالية ، وبيوت للخلاء ، والمطاهر ، والوضوء ، وليس بها أحد من طلبة العلم ، غير أن وزارة المعارف في بدايات القرن العشرين .. قد جعلت مسجدها مكتبا ابتدائيا ، فصارت دار علم بالجملة .
    ينزل الى صحن الجامع كما هو ظاهر بالصورة بخمس درجات ، وهو صحن مفروش بالحجارة السوداء و البيضاء ذات الأشكال الهندسية ، وفي الوسط بركة ماء مستطيلة في زواياها الأربع انحناءات جميلة ، و كنا نلعب بالكرة ( كرة قدم ) ضمن فناء المدرسة حتى المغيب لكونها بعيدة عن أعين المارة بسوق ساروجا ، و بمستوى منخفض عن مستوى الشارع .



    ومن المؤكد أن المدرسة كانت أكبر بكثير مما هي عليه الآن ، لم يبق منها شيء ، و كان بها غرفاً لطلاب العلم ، وغرفاً للمدرسين ، وغرف للخدمات المطلوبة لمنامة الطلاب بها و مطبخ كبير ، وفي غربي الصحن داران اقتطعتا منها ، وفي شرقيه أيضا كانت هناك ثلاثة دور قد اقتطعت من الصحن أيضاً .
    هذا ما أنعشتني به ذاكرتي أيام الطفولة في سوق ساروجا .. بوجود تلك البيوت التي اختلست قسماً منها ، وقبل أن يُفاجئنا الشارع العريض ( شارع الثورة ) الذي قضم كبد سوق ساروجا العريق في عام 1974
    فجعله نصفين ؟؟ .. وتركه يعلن لكل ذي عينين شكواه .. ويذيع خبر بلواه . فقضم المنطقة وأزال جميع البيوت بما فيها البيوت المختلسة من ناحية الشرق عند شق الشارع الجديد وسط العاصمة دمشق .



    الذي أذكره شخصياً .. من تلك الأيام في نهاية الخمسينات وجود رواق عظيم يقوم على عشر قناطر من الحجر الأبيض و الأسود ( الأبلق ) المزخرف ، ومن فوقها سبعة عشر شباكا مستطيلا ضخما ، وهذا الرواق يؤدي إلى قبة الأضرحة و إلى المسجد الذي يرجع عهده إلى الزمن العثماني .



    وحرم بيت الصلاة كان في جهة الشرق .. له باب خشبي حديث ، وإلى جانبيه بوابتان صغيرتان ، والحرم نفسه مربع الشكل ، له سقف خشبي جميل و متوج بسنم على شكل جملون ضيق ، وقد تم تجديده بالكامل مع كافة الأعمدة المؤلفة من جذوع شجر الحور والتي كانت تستخدم في بناء الأسقف في البيوت العربية القديمة .تم تجديد دهانها بالكامل مع نوافذ المسجد ، و كذلك مع فرش السطح بطبقة خفيفة وعازلة ليحمي المسجد من أمطار و ثلوج الشام في فصل الشتاء .


    ( واجهة المدرسة الشامية الجنوبية قبل الترميم )
    في عام 1986 بدأت عمليات ترميم واسعة وشاملة لهذه المدرسة وما جاورها من المشيدات والترب الأيوبية المتاخمة لها مثل التربة النجمية ( تربة نجم الدين أيوب بن شاذي ولم يُدفن بها ) و كذلك التربة العلائية لست الشام الصغرى ، فبوشر بإعادة اعمار هذه المدرسة أولا وبترميم الواجهات الشمالية و الجنوبية للمسجد و المدرسة .


    ( واجهة المدرسة الشامية الجنوبية بعد الترميم )


    ( واجهة باب التربة الحسامية قبل الترميم و تبدو قبة التربة النجمية في عمق الصورة )


    ( واجهة باب التربة الحسامية بعد الترميم )


    ( واجهة المقامات التابعة للمدرسة الشامية )


    المدرسة الشامية و المقامات التابعة لها ، التربة النجمية و التربة العلائية قبل الترميم .


    ( التربة النجمية و التربة العلائية بعد الترميم )


    انتهت أعمال الترميم الكاملة لهذه الأوابد التاريخية والأثرية في الرابع من شعبان 1409 للهجرة الموافق في 11 آذار 1989 كما ورد في اللوحة الرخامية المثبتة على جدار المدرسة الشرقي ما نصها :
    برعاية
    السيد الرئيس المناضل حافظ الأسد
    رئيس الجمهورية العربية السورية
    و بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لثورة الثامن من آذار المجيدة
    قام
    الرفيق الدكتور علاء الدين عابدين
    عضو اللجنة المركزية أمين فرع دمشق لحزب البعث العربي الإشتراكي
    بإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية لأعمال ترميم الجامع و المدرسة الشامية
    في 4 شعبان 1409 هـ الموافق 11/03/1989 م



    استحوذت هذه المدرسة على اهتمام كبير من الباحثين الأجانب الذين تعمقوا في تقديم معلومات كافة ووافية عن هذه المدرسة ضمن أبحاثه باللغة الإنكليزية وعن فن العمارة الأيوبية في سوريا / الفصل الثالث ـ دمشق بعد نور الدين ـ الباحث الدكتور تيري آلان مع تقديم الشرح الكافي و الوافي مدعمة بالصور ، يمكن مشاهدتها عبر هذا الرابط من أراد المزيد من المعلومات باللغة الإنكليزية .
    http://sonic.net/~tallen/palmtree/ayyarch

    جرى توثيق المدرسة بالنص و الصورة و الخارطة عام 2006 ضمن المباني الأثرية العالمية في مدينة دمشق تحت اسم المدرسة الشامية البرانية برقم ـ 946 ـ في كتاب مجتمع و عمارة مدينة دمشق العثمانية بالقرن التاسع عشر ، وأوائل القرن العشرين للباحث شتيفان فيبر من جامعة برلين الحرة بألمانيا.
    انظر التوثيق .



    لقد زرت مسجد المدرسة لتوثيقه في صيف عام 2006 ، ولم أتمكن من دخول غرفة الأضرحة لغياب قيم المدرسة و لمفاتيح بحوزته ، بل دخلت المسجد من الباب المحدث من الخشب الجديد ، وحرم المسجد مربع الشكل صغير الحجم مازال سقفه محافظا على الأعمدة الخشبية القديمة و تم طلائها بشكل حسن جدا وهو مسنم على شكل جملون تم تغطيته بطبقة من الآجر الحجري و يستند على قناطر ، وفي جدار القبلة يوجد محراب حجري قديم ، وما زال المنبر القديم موجود على حاله .
    يحيط بالمدرسة و المسجد حديقة تم إنشائها حديثا ، أنيقة و مسورة بسور حديدي لمنع العبث بها وقد جرت عملية صيانة أخرى للمدرسة كما نوه الدكتور محمد نهاد الغزّي مدير أوقاف دمشق أنه في ربيع عام 2007 للميلاد تم تشكيل لجان من مديرية الأوقاف ومديرية محافظة دمشق والمديرية العامة للآثار والسياحة تتابع أعمال صيانة وترميم مساجد دمشق القديمة
    وأكد المهندس محمد حسام عيون المسئول عن ترميم مساجد دمشق القديمة فقال : تمّ في السنوات السبع الأخيرة ، ترميم وإصلاح عدد من المساجد القديمة من قِبل وزارة الأوقاف ومديرية أوقاف دمشق ، ومنها 31 جامعا، رمّمت بالكامل وجوامع أخرى رمّمت جزئياً، ومن هذه الجوامع : جامع المدرسة الشامية بشارع الثورة .



    في الختام أقول : أن هذه المدرسة العريقة بعراقة تاريخ مجد الأيوبيين في دمشق مازالت قائمة حتى يومنا هذا ... وظلت صامدة متماسكة رغم كل محاولة المختلسين إختلاس بعضاً من أطرافها ، وظلت محافظة على شكلها المعماري الأصيل من العصر الأيوبي ولغاية القرن الحادي و العشرين ، يستخدمها جيلا بعد جيل من أهل محلة سوق ساروجا ، فرحم الله هذه السيدة الجليلة الفاضلة قاطمة خاتون سليلة الملوك و الأمراء الأيوبيين عصمت الدين بنت الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان الملقبة بست الشام الكبرى ، فأجزل الله سبحانه وتعالى لها الثواب و الإحسان على هذه المدرسة التي كانت دار علم .. ونور و معرفة ... على مر العصور ... فترحموا عليها رحمها الله تعالى .



    إعداد عماد الأرمشي
    باحث تاريخي بالدراسات العربية والإسلامية لمدينة دمشق


    المراجع :
    ـ طبقات الشافعية الكبرى / تاج الدين السبكي
    ـ ذيل ثمار المقاصد في ذكر المساجد / د. محمد أسعد طلس
    ـ السيرة الصلاحية والمحاسن اليوسفية / الشيخ يوسف ابن شداد
    ـ البداية والنهاية / أبو الفداء إسماعيل ابن كثير القرشي الدمشقي
    ـ منادمة الأطلال و مسامرة الخيال / الشيخ عبد القادر بن بدران
    ـ الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية / الشيخ ابو شامة
    ـ الدارس في تاريخ المدارس / الشيخ عبد القادر بن محمد النعيمي الدمشقي
    ـ تنبيه الطالب وإرشاد الدارس / الشيخ عبد الباسط بن موسى العلموي الدمشقي
    ـ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان / المؤرخ الدمشقي شمس الدين أحمد بن خلكان
    ـ تاريخ ابن قاضي شهبة / الشيخ تقي الدين أبي بكر بن أحمد بن قاضي شهبة الأسدي الدمشقي
    ـ الآثار الإسلامية في مدينه دمشق / تأليف كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر، تعريب عن الألمانية قاسم طوير، تعليق الدكتور عبد القادر الريحاوي.
    - Damaskus: die islamische Stadt / Carl Watzinger & Karl Wulzinger
    ـ موقع البروفسور كيبل كريسوال ، متحف أشموليان ـ جامعة هارفارد / 1908
    Ashmolean Museum of Art, Harvard. Professor K.A.C.Creswell
    ـ كتب شجرة النخيل / كاليفورنيا - فن العمارة الأيوبية في سوريا – الفصل الثالث ـ دمشق بعد نور الدين / الباحث الدكتور تيري آلان .
    - Palm Tree Books - Occidental, California - Ayyubid Architecture - Chapter Three. Damascus After Nûr al-Dîn / Terry Allen
    ـ مجتمع و عمارة مدينة دمشق العثمانية بالقرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين للباحث شتيفان فيبر من جامعة برلين الحرة بألمانيا بحث لنيل درجة الدكتوراه
    Stadt, Architektur und Gesellschaft des osmanischen Damaskus im 19. und frühen 20. Jahrhundert - Weber, Stefan, Universitat Berlin



Working...
X