X

الإنسان بين الرحلة والمصير

المنتدى الاسلامي

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • أنيس
    Thread Author
    VIP
    • Sep 2018 
    • 1283 
    • 585 
    • 1,001 

    من معرض الحديث الشريف نرى أن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قد وسَّع دائرة الموعظة لتشمل مساحة واسعة من الحياة

    اليومية للإنسان المسلم وعلى صعيد القول والعمل , إلا أننا في هذا العرض المتواضع سوف نتناول الجزء الأخير من هذا الحديث الشريف ,

    ( كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَو مُوبِقُهَا ) . والغدو هنا جاءت بمعنى الذهاب إلى ميدان الحياة , وبحسب طبيعة الحياة ورحلة الإنسان فيها

    يمكنا القول في الغدو حالتين :

    الأولى : غدو يتكرر في صبيحة كل نهار , وفي هذه الحالة تكون فترة النوم هي حالة إنقطاع أو توقف عن النشاط والفعل

    وينتهي هذا التوقف لحظة الإستيقاظ وقت الفجر . وهي لحظة الغدو التي يمكن القول فيها المباشرة بالعمل .

    الحالة الثانية : اعتبار الغدو متواصلا يبدأ من مرحلة تكليف الإنسان بالإستطاعة والخيار والعمل وإحصاء فعله عليه وحتى لحظة المغادرة

    من حياته حيث ينتهي مشوار الفعل لتبدأ المرحلة الثاني وهي رحلة الجزاء , واختيار الحالة الثانية كبداية للغدو قد يكون هو الأشمل باعتبار

    أن فترة النوم منحة من الرحمن للإستراحة وليست توقف .

    في بداية هذا الغدو يأتينا حديث رسولنا الكريم ( ص ) ليؤسس بداية هذا الغدو بالنية وخيار العمل , " عليكم من الأسماء بيزيد فإنه ليس أحد

    إلا وهو يزيد في الخير والشر والحارث فإنه ليس أحد إلا وهو يحرث لآخرته أو دنياه وهمام فإنه ليس أحد إلا وهو يهم بآخرته أو دنياه فإن

    أخطأتم هذه السماء فعبدوا "
    , ومن هذا الحديث يكمن عقد النيَّة سواء في الحرث أو الحراثة أو الهمَّة والهَمْ بفعل الخير , أو في تأكيد العبودية

    للواحد الأحد وتطبيق رسالة الخلق في العبادة , والتي عبر عن هذا لفظ - فعبدو -

    وإذا ما دخل الإنسان مرحلة العمل والفعل يأتي عرض الرحمن بالخيار لنوعية الفعل خير أم شر :

    يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ [الإنشقاق:6] .

    قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً [الإسراء:84]

    ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه(7)وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ) الزلزله .

    وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً [الكهف:28].


    وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ[البقرة:165].

    كل ما ورد يأتي في سياق التذكيربوجوب التقيد والتزام بطرق الهداية والعمل وفق مقتضيات رسالة الإنسان الدنوية ,

    ويأتي هذا في ظل الإغراء بحسن المكافئة بذكر الجنة , والنهي بشدة العقوبة وذكر النار , وتنتهي المرحلة ليأتي ما بعدها وهي فترة السؤال والجزاء .

    وتأتي هذه المرحلة وسط خطاب الرحمن للجميع مذكراً إياهم بقوله عز وجل :

    أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ [يس:60-61].

    وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف

    اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىظ° بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا - الإسراء 14

    ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً * وَيَصْلَى سَعِيراً * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً ) الإنشقاق




    طبعاً لايمكننا عرض جميع ما ورد من الكتاب والسنه بخصوص هذا الموضوع , وما عرضناه هو رموز للدلاله على فحوى المقصود ... فائق الشكر والاحترام يسعدني أن أزفه لكم جميعاً .

    أنيس



Working...
X