X

الشيخوخة بين القرآن والسنَّة ,, والعلم الحديث

المنتدى الاسلامي

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • أنيس
    Thread Author
    VIP
    • Sep 2018 
    • 1283 
    • 585 
    • 1,001 

    يمر جسم الإنسان في حياته الدنيا بأطوار مختلفة من أطوار الخلق فهو يخرج من بطن أمه طفلاً... لا يعلم شيئاً من أمر الدنيا... ثم ينمو جسمه شيئاً فشيئاً وتبدأ حواسه في العمل... فذلك قول الله عز وجل ) والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ([النحل: 78].

    ثم يكبر الجسم ويصير الإنسان شاباً قوياً، ثم يصير كهلاً... ويمضي به الزمن ـ إن طال به العمر ـ إلى آخر طور من أطوار خلق جسم الإنسان في الدنيا، وهو طور الشيخوخة...

    وفي طور الشيخوخة يضعف الجسم شيئاً فشيئاً وتهاجمه الأمراض البدنية المختلفة في كل مكان... فيضعف من بعد قوة... وإذا امتدت الشيخوخة... وصل الجسم إلى مرحلة الشيخوخة المتأخرة التي هي أشد وطأة على الجسم والنفس معاً.. وأكثر ألماً وضعفاً وأكثر عجزاً... ذلك إن عوامل الهرم في الجسم تصير أكثر من عوامل البناء ويصاحب ذلك تغيرات بيولوجية في خلايا الجسم تقلل من كفاءتها كثيراً.. لذلك ما أن تدب الشيخوخة في الجسم حتى يصاحبها الشعور بالضعف ويتحول الجسم إلى مرعى خصيب لكثير من العلل والأمراض التي ربما تطول إقامتها فيه وقد لا تبرحه قط فالجسم في الطفولة يكون ضعيفاً، لذلك يعتمد الإنسان في طور الطفولة على غيره في القيام بشؤونه... ثم هو يكبر ويصير شاباً قوياً يساعد الآخرين... ثم كهلاً فيه بقية من قوة تساعده على القيام بشؤونه كلها وشؤون غيره أيضاً.. أما بعد ذلك فيدخل في طور الشيخوخة... وهي مرحلة الضعف التدريجي الذي يضطر الإنسان لها إلى الاعتماد على مساعدة غيره في القيام بشؤون نفسه.. ويصير مرة أخرى ضعيفاً كما كان في طور الطفولة فالإنسان يخرج من بطن أمه لا يعلم شيئاً.. وعندما يدخل في طور الشيخوخة المتأخرة يدخل في طور من الخلق لا يعلم فيه شيئاً كما قال الله عز وجل ) يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً ([الحج: 5]. إنها دورة الحياة وأطوارها التي يمر بها جسم الإنسان إذا امتد به العمر... ضعف ثم قوة ثم ضعف وشيبة... وهذا يذكرنا بقول الله عز وجل في سورة الروم / 54:) الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعفٍ قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير (.. ذكر حقيقة اختلاف أطوار خلق جسم الإنسان... ليستدل بها القارىء علىالخلق.ة الإلهية وعلى علم الله وقدرته ذلك مقصد الآية بالقول: ) يخلق ما يشاء وهو العليم القدير (.

    ولماذا قدم المشيئة على العلم وقدم العلم على القدرة؟ لأن المشيئة سابقة على الخلق ... وعلم الله عز وجل أظهر لنا من القدرة.. لأن علم الله تعالى حاصل وظاهر في كل طور من أطوار الخلق... وفي هذا تبشير وإنذاراً له... فالله تعالى ينبه إلى أنه عالم بالإنسان في كل أحواله.. وهو قادر بعد ذلك على الثواب والعقاب، لذلك ذكر العلم بأطوار خلق الإنسان قبل ذكر القدرة عليه فقال تعالى: ) الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ( لأن المشيئة أزلية... ثم إن القدرة في الخلق مؤسسة على العلم.

    وذكرت الحقيقة العلمية عن أطوار الشيخوخة ) ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً (بنفس الكلمات والحروف في سورتي النحل والحج / 5 ... وإذا كان هناك تكرار في الكلمات فليس هناك تكرار في المعنى... وهذه قاعدة عامة في القرآن العظيم كله نزلت أولاً في مكة المكرمة في سورة النحل / 70 في قوله تعالى: ) والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئاً إن الله عليم قدير ( إنها حقائق علمية ثابتة ساقها دليلاً واضحاً على علم الله في خلقه وقدرته في ملكوته.

    مني التقدير والدعاء بالنفع ..



    المصدر : د. أحمد شوقي إبراهيم









Working...
X