X

النوم كظاهرة حيوية بين القرآن والسنة - 1

المنتدى الاسلامي

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • أنيس
    Thread Author
    VIP
    • Sep 2018 
    • 1283 
    • 585 
    • 1,001 

    كتب البحث : أ. د / عبد الباسط محمد سيد



    يقول الحق ـ تبارك وتعالى ـ في كتابه الحكيم: " ومن آياته منامكم بالليل "[سورة الروم: 23]. فالنوم آية من آيات الله في خلقه، وصفة أساسية من صفات الإنسان، وضرورة من ضرورات حياته، فكل إنسان ينام، لا يشذ عن ذلك أحد حتى الأنبياء والرسل، لا يستطيع الإنسان أن يمتنع عن النوم إلا في حدود زمنية محدودة لا يستطيع بعدها المقاومة، فيسقط نائماً مهما كانت المؤثرات من حوله، ولحكمت ما كانت إحدى المعجزات التي أخبرنا بها القرآن الكريم هي نوم الفتية الذين آمنوا بربهم في الكهف ثلاث مئة سنين " ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعاً " [سورة الكهف: 25]. في حين أنه لم تصل إلينا أخبار عن أي معجزة كان أساسها عدم النوم، فالنوم هو السكن والراحة بعد التعب والعناء " الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً "[سورة غافر: 61]. وهو الهدوء والأمن والطمأنينة أياً كانت مدته " إذ يغشيكم النعاس أمنةً منه " [سورة الأنفال: 11].

    ويدعونا ـ سبحانه وتعالى ـ إلى التفكير في أهمية تلك الدورة الحيوية اليومية التي تشمل الأرض ومن عليها، وذلك في آيات القرآن الكريم " وجعلنا نومكم سباتاً. وجعلنا الليل لباساً. وجعلنا النهار معاشاً " [سورة النبأ: 9 ـ 11]. " قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون. قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون " [سورة القصص: 71 ـ 72]. إذ لا بد من ليل ينام فيه الإنسان، وتهدأ فيه أعضاؤه وترتاح أجهزته، ويسكن جسده كله في سبات يستعيد فيه نشاطه وحيويته ومقدرته على السعي والعمل والكد من جديد في نهاره التالي، وهكذا يتعاقب النوم مع اليقظة بصورة دورية تستمر طول حياة الإنسان، ويصاحب كلاً من حالتي النوم واليقظة علامات جسدية وعضوية هي الأساس لما تم اكتشافه حديثاً بعد ذلك فيما أطلق عليه لقب الدورة البيولوجية للجسم، وذلك بعد قرون عديدة من إشارة القرآن الكريم لذلك " والليل إذا يغشى. والنهار إذا تجلى " [سورة الليل: 1 ـ 2]. فالليل سكن وغشاء، والنوم سكينة وهدوء وأمن، يغشى الإنسان عينيه وتقل حدة سمعه فكأن على سمعه وبصره غشاء، وحجاب يمنع استقبال المؤثرات العادية من صوت وضوء، حتى لو أبعدنا جفنيه أحدهما عن الآخر، فلن يرى بعينيه المفتوحتين وهو نائم، وتهدأ أعضاء النائم وأجهزته، فترتخي عضلاته الإرادية، ويهدأ القلب فيبطىء النبض، وينخفض مستوى ضغط الدم الشرياني، وتهدأ الدورة الدموية، ويهدأ التنفس ويبطىء وينظم، وينخفض استهلاك الأعضاء والأنسجة للأكسجين والمواد الغذائية الأخرى، ويقل نشاط معظم الغدد، ويهدأ الجهاز العصبي، وتستمر حالة السكون هذه إلى أن يحين موعد الاستيقاظ فتنشط أجهزة الجسم تباعاً، وتزداد حيوية الأعضاء والأنسجة تلقائياً، وتعود الحواس إلى حالتها الطبيعية والعضلات على حركاتها الإرادية، ليبدأ الجسم مرحلة جديدة من النشاط، ويكمل دورته البيولوجية اليومية إلى آخر النهار، ليعود بعد ذلك عند حلول الظلام فيغلبه النوم، وتتكرر الدورة من جديد فيما هو عليه العلماء ( النظام اليومي )

    والإنسان حين ينام فإنه يمر بما يمكن تسميتها بمراحل أو مستويات مختلفة للنوم، فهو يمر تدريجياً من حالة اليقظة الكاملة إلى حالة فقدان الإحساس بما حوله، ويزداد النوم عمقاً مروراً بمستويات مختلفة حتى يصل إلى أعمق مستويات النوم حيث هدوء الأعضاء وسكون الجسد في أقصى درجاته، وتصبح استجابات الجسم الغريزية للمؤثرات الخارجية أقل ما يمكن أو معدومة ) وجعلنا نومكم سباتاً (، فهو السبات أو النوم العميق، حيث ينفصل الإنسان تماماً عما حوله من مؤثرات ضوئية أو ميكانيكية أو فيزيائية أخرى، إلا أنه بتتبع نشاط الدماغ الكهربائي أثناء النوم وربط ذلك بالمشاهدات الخاصة بسرعة النبض وسرعة التنفس وبعض الملاحظات الأخرى، وجد أن هناك فترات تعتري النائم حيث يزداد خلالها نشاط الدماغ الكهربائي ويسرع النبض، ويسرع التنفس، وتبدأ العينان المغمضتان في الحركة السريعة في الاتجاهات المختلفة، حتى أنهم أطلقوا عليها ( مرحلة الحركة السريعة للعينين Rapid eye movement rem phase) وتستمر تلك النوبات لفترات قصيرة يعود بعدها الدماغ وباقي الأعضاء إلى حالة السكون والهدوء، وقد لاحظ العلماء أن تلك النوبات لها علاقة بحدوث الأحلام أثناء النوم، حيث تؤدي إلى تلك الأنشطة التي يمكن ملاحظتها على النائم.

    وأثناء النوم فإن الإنسان لا يستقر عادة على وضع واحد لفترة طويلة، وإنما يتقلب ذات اليمين وذات لشمال، ويحرك أطرافه ماداً ساقيه، أو ضاماً لأحدهما أو كليهما وكذلك ذراعاه، وهذه الحركات التي تحدث أثناء النوم حركات غير إرادية، وتختلف في نوعيتها وتكرارها وكمية حدوثها من شخص لآخر، ومن وقت لآخر لنفس الشخص، وكلما كان النوم عميقاً قلت حركات الجسم بينما يزداد حدوثها إذا كان مصاباً ببعض الأمراض العضوية مثل أمراض القلب والرئتين، وتتوقف حركات النائم تماماً أثناء مرحلة الحركة السريعة للعينين.








    يتبع بحول الله




Working...
X