X

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ,, مصعب بن عمير

المنتدى الاسلامي

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • أنيس
    Thread Author
    VIP
    • Sep 2018 
    • 1283 
    • 585 
    • 1,001 

    من المؤكد أن الحديث عن مناقب الصحابة لم ولن يمكن لقلم أو فقيه أن يجمع بخيرهم أو يرسم الصورة المشرقة لحضورهم ,

    ولكننا نتعرض لأسماء بعضهم من قبيل الذكرى والأسوة الحسنة .

    هذا رجل من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وما أجمل أن نبدأ به الحديث :

    غرّة فتيان قريش، وأوفاهم جمالا، وشبابا..

    يصف المؤرخون والرواة شبابه فيقولون: " كان أعطر أهل مكة"..

    ولد في النعمة، وغذيّ بها، وشبّ تحت خمائلها.

    ولعله لم يكن بين فتيان مكة من ظفر بتدليل أبويه بمثل ما ظفر به "مصعب بن عمير"..

    ولقد سمع فيما سمع أن الرسول ومن آمن معه، يجتمعون بعيدا عن فضول قريش وأذاها..

    في درا "الأرقم بن أبي الأرقم" فلم يطل به التردد، ولا التلبث والانتظار،

    فصحب نفسه ذات مساء الى دار الأرقم وكانت بداية إسلامه وهداه

    كانت أم مصعب "خنّاس بنت مالك" تتمتع بقوة فذة في شخصيتها، وكانت تهاب الى حد الرهبة..

    ولم يكن مصعب حين أسلم ليحاذر أو يخاف على ظهر الأرض قوة سوى امه.



    أبصر به "عثمان بن طلحة" وهو يدخل خفية الى دار الأرقم..

    ثم رآه مرة أخرى وهو يصلي كصلاة محمد صلى الله عليه وسلم ، فأخبر أم مصعب ، حيث ألقى عليها النبأ الذي طار بصوابها ...

    فمضت به الى ركن قصي من أركان دارها ، وحبسته فيه ، وأحكمت عليه اغلاقه ،

    وظل رهين محبسه ذاك، حتى خرج بعض المؤمنين مهاجرين الى أرض الحبشة ،

    فاحتال لنفسه حين سمع النبأ، وغافل أمه وحراسه ، ومضى الى الحبشة مهاجرا مع من هاجر ,

    خرج يوما على بعض المسلمين وهم جلوس حول رسول الله وهو يرتدي جلبابا مرقعا وباليا

    فتملَّلى بوجه الرسول الكريم وقال :

    " لقد رأيت مصعبا هذا، وما بمكة فتى أنعم عند أبويه منه، ثم ترك ذلك كله حبا لله ورسوله".!!

    لقد منعته أمه حين يئست من ردّته كل ما كانت تفيض عليه من نعمة..

    وأبت أن يأكل طعامها انسان هجر الآلهة وحاقت به لعنتها، حتى ولو يكون هذا الانسان ابنها..!!

    ولقد كان آخر عهدها به حين حاولت حبسه مرّة أخرى بعد رجوعه من الحبشة. فآلى على نفسه لئن هي فعلت ليقتلن كل من تستعين به على حبسه..

    وانها لتعلم صدق عزمه اذا همّ وعزم، فودعته باكية، وودعها باكيا..

    وكشفت لحظة الوداع عن اصرار عجيب على الكفر من جانب الأم واصرار أكبر على الايمان من جانب الابن..

    فحين قالت له وهي تخرجهمن بيتها: اذهب لشأنك، لم أعد لك أمّا. اقترب منها وقال:

    "يا أمّه اني لك ناصح، وعليك شفوق، فاشهدي بأنه لا اله الا الله، وأن محمدا عبده ورسوله" ...

    أجابته غاضبة مهتاجة : " قسما بالثواقب ، لا أدخل في دينك ، فيزرى برأيي ، ويضعف غقلي"..!!

    اختاره الرسول لأعظم مهمة في حينها أن يكون سفيره الى المدينة ، يفقّه الأنصار الذين آمنوا وبايعوا الرسول عند العقبة ،

    ويدخل غيرهم في دين الله ، ويعدّ المدينة ليوم الهجرة العظيم..

    فحمل مصعب الأمانة مستعينا بما أنعم الله عليه من رجاحة العقل وكريم الخلق ،

    ولقد غزا أفئدة المدينة وأهلها بزهده وترفعه واخلاصه ، فدخلوا في دين الله أفواجا..

    ففي موسم الحج التالي لبيعة العقبة ، كان مسلمو المدينة يرسلون الى مكة للقاء الرسول وفدا يمثلهم وينوب عنهم..

    وكان عدد أعضائه سبعين مؤمنا ومؤمنة.. جاءوا تحت قيادة معلمهم ومبعوث نبيهم اليهم "مصعب ابن عمير".

    لقد نجح أول سفراء الرسول صلى الله عليه وسلم نجاحا منقطع النظير.. نجاحا هو له أهل ، وبه جدير..

    وفي معركة أحد حيث تولى مصعب الخير راية المسلمين ورفعها عاليا وسط معمعة السيوف وصهيل الخيل وأصوات المقاتلين والمقتولين ,

    ويصف لنا مشهد الخاتم في حياة مصعب العظيم ابراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري ، عن أبيه قال :

    [حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد ، فلما جال المسلمون ثبت به مصعب ، فأقبل ابن قميئة وهو فارس، فضربه على يده اليمنى فقطعها، ومصعب يقول :

    وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل..

    وأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه ، فضرب يده اليسرى فقطعها ، فحنا على اللواء وضمّه بعضديه الى صدره وهو يقول :

    وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل..

    ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه وأندق الرمح، ووقع مصعب ، وسقط اللواء] .

    وقع مصعب.. وسقط اللواء..!!

    وبعد انتهاء المعركة المريرة وجد جثمان الشهيد الرشيد راقدا وقد أخفى وجهه في تراب الأرض المضمخ بدمائه الزكية..

    وقف الرسول صلى الله عليه وسلم عند مصعب بن عمير وقال وعيناه تلفانه بضيائهما وحنانهما ووفائهما:

    (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)

    ثم ألقى في أسى نظرة على بردته التي ضُرِّج بها وقال " لقد رأيتك بمكة وما بها أرق حلة ولا أحسن لمّة منك ثم هأنتذا شعث الرأس في بردة"..؟!

    وهتف الرسول عليه الصلاة والسلام وقد وسعت نظراته الحانية أرض المعركة بكل من عليها من رفاق مصعب وقال:

    "ان رسول الله يشهد أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة".

    ثم أقبل على أصحابه الأحياء حوله وقال:

    "أيها الناس زوروهم، وأتوهم، وسلموا عليهم، فوالذي نفسي بيده، لا يسلم عليهم مسلم الى يوم القيامة، الا ردوا عليه السلام"..

    هدانا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وحشرنا مع زمرة عباده الصالحين .



    **





    من كتاب رجال حول الرسول : بالتصرف





  • الشيخ محمد
    Free Membership
    • Nov 2018 
    • 103 

    #2
    بارك الله فيك ووفقك لكل خير
    Comment
    Working...
    X