X

فضائل الصبر في إصلاح الأمر

المنتدى الاسلامي

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • أنيس
    Thread Author
    VIP
    • Sep 2018 
    • 1283 
    • 585 
    • 1,001 

    فضائل الصبر



    في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما أعطى أحد عطاء قط خيرا ولا قال الترمذى حديث حسن صحيح أوسع من الصبر



    أخبرنا ابن الحصين قال أخبرنا ابن المذهب قال أخبرنا القطيعي قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا أبو سعيد قال حدثنا سليمان عن عمرو بن أبي عمرو عن عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل إذا أحب قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع رواته ثقات



    وينبغي أن يكون الصبر في أول صدمة ففي الصحيحين من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصبر عند الصدمة الأولى



    وينبغي أن يحتسب عند الله تعالى ما أخذ منه ويوقن بحسن الجزاء وذلك يهون الصبر



    ومن علامة الصبر الكف عن تمزيق ثوب أو لطم خد وحبس اللسان عن اعتراض وتسخط والامتناع من كل شيء يوجب إظهاره تأثر المبتلي وليعلم العاقل أن البلايا ضيوف فليعد لها قرى الصبر



    قال الحكماء العاقل يفعل في أول يوم من أيام المصيبة ما يفعله الجاهل بعد خمسة أيام



    وقال علي عليه السلام للأشعث بن قيس إنك إن صبرت إيمانا واحتسابا وإلا سلوت كما تسلو البهائم



    فصل وأما ثواب الصابر على فقد الأولاد



    فأخبرنا ابن الحصين قال أخبرنا ابن المذهب قال أخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبدالله ابن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن عبدالرحمن بن الأصبهاني عن ذكوان عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء ما منكن امرأة يموت لها ثلاثة من الولد إلا كانوا لها حجابا من النار فقالت امرأة واثنين فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم واثنين







    قال أحمد وحدثنا يحيى عن مالك قال حدثنا الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث فتمسه النار إلا تحلة القسم



    قال أحمد وحدثنا محمد بن أبي عدي عن سليمان بن أبي ليلى عن أبي السليل عن أبي حسان قال توفي ابنان لي فقلت لأبي هريرة سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا تحدثناه تطيب أنفسنا عن موتانا قال نعم صغارهم دعاميص الجنة يلقى أحدهم أباه أو قال أبويه فيأخذ بناصية ثوبه أو بيده كما آخذ بصنفة ثوبك ولا يفارقه حتى يدخل الجنة



    انفرد بإخراج هذا الحديث مسلم واتفق على الذي قبله







    والدعموص دويبة تسبح في الماء قال الشاعر ... إذا التقى البحران عم الدعموص ... فبقي أن يسبح أو يغوص ...



    وكلما قرب المحبوب المستلب من القلب كان الأجر على قدر ذلك فينبغي للصابر أن يتسلى بالجنس



    فأما الرضاء بالقضاء فهو الغاية



    قال أبو الدرداء إن الله عز وجل إذا قضى قضاء أحب أن يرضى به



    وقال أبو عبدالله البراثي من وهب له الرضى فقد بلغ أقصى الدرجات



    وقالت رابعة إن الله عز وجل إذا قضى لأوليائه قضاء لم يتسخطوه







    وقتل لبعض الصالحين ولد في سبيل الله عز وجل فبكى فقيل له أتبكي وقد استشهد فقال إنما أبكي كيف كان رضاه عن الله عز وجل حين أخذته السيوف



    فإن قيل قد يتصور الصبر فأما الرضا بالمكروه فكيف يتصور



    فالجواب أن نفور الطبع من المنافي لا يضاد رضى القلب بالقدر فإنما نرضى بالقضاء وإن كرهنا المقضى



    فصل في ذكر أخبار جماعة من الصابرين والراضين



    أخبرنا ابن الحصين قال أخبرنا ابن المذهب قال أخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله ابن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا بهز قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال



    مات ولد لأبي طلحة من أم سليم فقالت لأهلها لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه قال فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك فوقع بها فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها قالت يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت وطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم قال لا فقالت فاحتسب ابنك



    أخبرنا ابن ناصر قال أخبرنا جعفر بن أحمد قال أخبرنا الحسن بن علي التميمي قال حدثنا أبو بكر بن مالك قال حدثنا عبدالله بن أحمد قال حدثنا أبي قال حدثنا هاشم قال حدثنا المبارك عن الحسن قال حدثني أبو الأحوص الجشمي قال



    دخلنا على ابن مسعود وعنده بنون له ثلاثة غلمان كأنهم الدنانير فجعلنا نتعجب من حسنهم فقال كأنكم تغبطوني بهم قلنا إي والله بمثل هؤلاء يغبط المرء المسلم فرفع رأسه إلى سقف بيت له صغير قد عشعش فيه الخطاف وباض فقال والذي نفسي بيده لأن أكون قد نفضت يدي عن تراب قبورهم أحب إلي من أن يسقط عش هذا الخطاف وينكسر بيضه قال ابن مسعود ما أصبحت على حال فتمنيت أني على سواه



    أخبرنا محمد بن طاهر قال أخبرنا الجوهري قال أخبرنا ابن حيوية قال أحمد بن معروف قال حدثنا الحسين بن الفهم قال حدثنا محمد بن سعد قال حدثنا محمد بن عمر قال حدثني يعقوب بن عبدالله القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن عبدالرحمن بن أبزي عن أبيه عن عمار بن ياسر أنه قال



    لو أعلم أنه أرضى لك عني أن أرمي نفسي من هذا الجبل فأتردى فعلت ولو أعلم أنه أرضى لك عني أن أوقد نارا عظيمة فأقع فيها فعلت ولو أعلم أنه أرضى لك عني أن ألقي نفسي في الماء فأغرق فعلت



    وكان عمران بن حصين قد سقى بطنه فكان يقول أحبه إلي أحبه إلى الله عز وجل



    وقال علقمة في قوله تعالى ومن يؤمن بالله يهد قلبه قال هي المصيبة تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله عز وجل فيسلم لها ويرضى



    أخبرنا اسماعيل بن أحمد قال أخبرنا محمد بن هبة الله قال أخبرنا ابن بشران قال حدثنا ابن صفوان قال حدثنا أبو بكر القرشي قال حدثنا العباس بن يزيد قال حدثنا يعلي بن عبدالرحمن قال حدثنا سيار بن سلامة قال دخلت على أبي العالية في مرضه الذي مات فيه فقال إن أحبه إلي أحبه إلى الله



    أخبرنا محمد بن ناصر قال أخبرنا جعفر بن أحمد قال حدثنا الحسن بن علي قال حدثنا أبو بكر بن مالك قال حدثنا ابن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا بهز قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا ثابت قال مات عبدالله بن مطرف فخرج مطرف على قومه في ثياب حسنة وقد ادهن فغضبوا وقالوا يموت عبدالله ثم يخرج في ثياب مثل هذه مدهنا قال أفأستكين لها لقد وعدني تبارك وتعالى عليها ثلاث خصال لكل خصلة منها أحب إلي من الدنيا كلها قال الله عز وجل الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون وقال ما من شيء أعطى في الآخرة قدر كوز من ماء إلا ووددت أنه أخذ مني في الدنيا



    قال أحمد وحدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت البناني أن صلة بن أشيم كان في مغزى له ومعه ابن له فقال أي بني تقدم فقاتل حتى أحتسبك عند الله فحمل فقاتل حتى قتل ثم تقدم فقتل فاجتمعت النساء عند امرأته معاذة فقالت مرحبا إن كنتن جئتن لتهنيني فمرحبا بكن وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن



    وقال عمر بن عبدالعزيز وقد مات ابنه ومولاه ما أحب أن شيئا من ذلك لم يكن لأن الله عز وجل أراده



    وقال أبو جحيفة إنا لمتوجهون إلى مهران ومعنا رجل من الأسد فجعل يبكي فقلت له أجزع هذا قال لا ولكن تركت ابني في الرحل فوددت أنه كان معي فدخلنا الجنة جميعا



    وقال أبو مسلم الخولاني لأن يولد لي مولود يحسن الله عز وجل نباته حتى إذا استوى على شبابه وكان أعجب ما يكون إلي قبضه مني أحب إلي من أن يكون لي الدنيا وما فيها



    أخبرنا عمر بن مطرف قال أخبرنا جعفر بن أحمد قال أخبرنا أبو القاسم الأزحي قال حدثنا أبو الحسن بن جهضم قال حدثنا محمد بن عبدالله بن حفص عن علي بن الموفق قال سمعت حاتما الأصم يقول لقينا الترك فكان بيننا جولة فرماني تركي بوهق فغلبني عن فرسي ونزل عن دابته فقعد على صدري وأخذ بلحيتي وأخرج من خفه سكينا ليذبحني فوحق سيدي ما كان قلبي عنده ولا عند سكينته إنما كان قلبي عند سيدي أنظر ماذا ينزل به القضاء منه فقلت سيدي قضيت أن يذبحني هذا فعلى الرأس والعين إنما أنا لك وملكك فبينما أنا أخاطب سيدي وهو قاعد على صدري آخذ بلحيتي ليذبحني رماه بعض المسلمين بسهم فما أخطأ حلقه فسقط عني فقمت أنا إليه وأخذت السكين من يده فذبحته فما هو إلا أن تكون قلوبكم عند السيد حتى ترون من عجائب لطفه ما لم تروا من الآباء والأمهات



    وقال الشاعر ...

    إن كان سكان الغضا ... رضوا بقتلي فرضا ... والله ما كنت لما

    يهوى الحبيب مبغضا ... صرت لهم عبدا وما ... للعبد أن يعترضا ...



    وقال الآخر ...

    إن رضاكم في سهري ... فسلام الله على وسني



    وقال الآخر ... فما لجرح إذا أرضاكم ألم ...



    وقد خذل خلق كثير عند موت أحبابهم فمنهم من خرق ثوبه ومنهم من لطم ومنهم من اعترض ولقد رأيت رجلا كبيرا قد قارب الثمانين وكان يحافظ على الجماعة فمات ولد لابنته فقال ما ينبغي لأحد أن يدعو فإنه لا يستجيب ثم قال إن الله يعاندنا فما يترك لنا ولدا فعلمت أن صلواته وفعله للخير عادة لأنه لا ينشأ عن معرفة وإيمان وهؤلاء الذين يعبدون الله على حرف .

    نرجو الله أن ينفع به من أراد ومني أسمى التحية ...






    من كتاب الثبات عند الموت لابن الجوزي


Working...
X