القرآن الكريم شرف هذه الأمة
أجل إنه شرفها ومجدها الباذخ وفخرها العظيم.
ألم يؤكد ذلك ويقرره ربنا تبارك وتعالى في قوله عز من قائل : {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ }.
فهو كتاب لا كأي كتاب. لكنه يجمع فضائل كل كتاب سبقه ويزيد عليها ولذلك صار مهيمناً على ما سبقه من كتب، يقول الحق جل شأنه : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ }.
إنه كتاب عظيم القدر يمتاز بعدد وافر من الخصائص والسمات فهو :
ـ مبارك : يقول سبحانه : { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ }.
- مفصّل : يقول عز وجل : { أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا }.
- مصدق لما قبله : يقول جل شأنه : { وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَىٰ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ }.
- هدى ورحمة : يقول الله تعالى : { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }.
- تبيان لكل شيء : يقول سبحانه : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ }.
- أنزل للتدبر :يقول تبارك وتعالى : { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ }.
- وأنزل للحكم به : يقول تعالى : { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ }.
- محكم لا اختلاف فيه ولا تناقض : يقول عز من قائل : { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا }.
إلى غير ذلك من الخصائص التي تميزه عما عداه وتجعله كتاباً فريداً أنزله الله سبحانه ليكون نبراساً ونوراً يهدي هذه الأمة إلى ما فيه خيرها وفلاحها في عاجل أمرها وآجله. في دنياها وآخرتها، ويخرجها من الظلمات الحوالك كلها بمختلف أشكالها وألوانها إلى النور الساطع الوضاء.
فهو يخرجها من ظلمة الشك إلى نور اليقين، ومن ظلمة الجهل والخرافة إلى نور العلم، ومن ظلمة الشرك إلى نور التوحيد، ومن ظلمة الطغيان والظلم إلى نور العدل والمساواة، ومن ظلمة الأثرة إلى نور الإيثار، ومن ظلمة الأهواء والشبهات والشهوات إلى نور التعبد الحق لله رب العالمين والاتباع الكامل لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم لتغدو الحياة بكل مناحيها طيبة هنيئة تتحقق فيها للمسلم السعادة الحقيقية المتمثلة في رضوان الله عنه ثم تفضله سبحانه عليه بإدخاله جنته في الآخرة يقول سبحانه : { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.