الكريم واللئيم
أكرم الناس من اتَّقى الله، والكريم التقي، والتقوى هي العزم على إتيان المأمورات، والانزجار عن جميع المزجورات.
الكريم لا يكون حقودًا ولا حسودًا، ولا شامتًا، ولا باغيًا، ولا ساهيًا، ولا لاهيًا، ولا فاجرًا، ولا فخورًا، ولا كاذبًا، ولا ملومًا، ولا يقطع إلفه، ولا يُؤذي إخوانه، ولا يُضيِّع الحفاظ، ولا يجفو في الوداد، يعطي مَنْ لا يرجو، ويعفو عن قدرة، ويَصِل عن قطيعة.
الكريم يلين إذا استعطف، ويُجِلُّ الكِرام، ولا يهين اللئام، ولا يُؤذي العاقل، ولا يُمازح الأحمق، ولا يُعاشر الفاجر، مؤثرًا إخوانه على نفسه، باذلًا لهم ما ملك.
الكريم مَنْ أعطاه شكرَه، ومَنْ منعَه عذرَه، ومَنْ قطعه وصلَه، ومَنْ وصلَه فضله، ومَنْ سأله أعطاه، ومَنْ لم يسأله ابتدأه، وإذا استضعف أحدًا رحمه، واللئيم بضدِّ ما وصفنا من الخصال كلها.
أجمع أهل التجارب للدهر، وأهل الفضل في الدين، والراغبون في الجميل على أن أفضل ما اقتنى الرجل لنفسه في الدنيا، وأجل ما يدَّخر لها في العقبى هو لزوم الكرم، ومعاشرة الكرام؛ لأن الكرم يحسن الذكر، ويشرف القدر.
الكريم محمود الأثر في الدنيا، مرضي العمل في العقبى، يحبُّه القريب والقاصي، ويألفُه المتسخِّط والراضي، يُفارقه الأعداء واللئام، ويصحبه العقلاءُ والكِرامُ.
وما رأيتُ شيئًا أكثر عملًا في نقص كرم الكريم من الفقر، سواء كان ذلك بالقلب أو بالموجود.