X

الاسباب المقومة للصحة

الطب البشري - العلاج بالأدوية والأعشاب الطبية

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • اسامة الحمد
    Thread Author
    Free Membership
    • Sep 2021 

    - ان الظواهر تقوم باسبابها, والاسباب ليست من طبيعة واحدة ولهذا كانت متعددة, متضاددة, متكاملة. ومن الظواهر الصحة والمرض, ولهما من تلك الاسباب المقومة والمتممة ما يجعل الاحاطة بها علما وعملا طريقا موصلا الى حفظ صحة موجودة, واعادتها من ايدي المرض المستولي عليها, ومن ثم وضع اسس الوقاية لئلا تفقد من تارة اخرى.

    لنعود الى ابن سينا ونرى ماذا يقول في (قانونه) في هذا الصدد :
    لما كان الطب ينظر في بدن الإنسان من جهة ما يصح ويزول عن الصحة، والعلم، بكل شيء، إنما يحصل ويتمّ، إذا كان له أسباب، يعلم أسبابه، فيجب أن يعرف في الطب، أسباب الصحة والمرض. وأسبابهما قد يكونان ظاهرين، وقد يكونان خفيين لا ينالان بالحسّ بل بالاستدلال من العوارض، فيجب أيضاَ أن تعرف، في الطب، العوارض التي تعرض في الصحة والمرض. وقد تبين، في العلوم الحقيقية، أن العلم بالشيء إنما يحصل من جهة العلم بأسبابه ومباديه، إن كانت له, وإن لم تكن، فإنما يتمم من جهة العلم بعوارضه ولوازمه الذاتية.


    لكن الأسباب أربعة أصناف : مادية، وفاعلية، وصورية، وتمامية.
    - الأسباب المادية :
    هي الأشياء الموضوعة التي فيها تتقوم الصحة والمرض : أما الموضوع الأقرب، فعضو أو روح. وأما الموضوع الأبعد فهي الأخلاط، وأبعد منه، هو الأركان . وهذان موضوعان بحسب التركيب وإن كان أيضاً مع الاستحالة وكل ما وضع كذلك، فإنه يساق في تركيبه واستحالته إلى وحدة ما، وتلك الوحدة في هذا الموضع التي تلحق تلك الكثرة : إما مزاج، وإما هيئة. أما المزاج، فبحسب الاستحالة، وإما الهيئة فبحسب التركيب.


    - وأما الأسباب الفاعلية :
    فهي الأسباب المغيرة، أو الحافظة لحالات بدن الإنسان من الأهوية، وما يتصل بها والمطاعم، والمياه، والمشارب، وما يتصل بها، والاستفراغ والاحتقان، والبلدان، والمساكن، وما يتصل بها، والحركات، والسكونات البدنية، والنفسانية ، ومنها النوم، واليقظة، والاستحالة في الأسنان، والاختلاف فيها، وفي الأجناس والصناعات والعادات والأشياء الواردة على البدن الإنساني مماسة له إما غير مخالفة للطبيعة وإما مخالفة للطبيعة.


    - وأمّا الأسباب الصورية :
    فالمزاجات والقوى الحادثة بعدها، والتراكيب.

    - وأما الأسباب التمامية :
    فالأفعال، وفي معرفة الأفعال، معرفة القوى لا محالة، ومعرفة الأرواح الحاملة للقوى، كما سنبين، فهذه موضوعات صناعة الطب من جهة أنها باحثة عن بدن الإنسان، أنه كيف يصح ويمرض. وأما من جهة تمام هذا البحث، وهو أن تحفظ الصحة، وتزيل المرض، فيجب أن تكون لها أيضاً موضوعات أخر، بحسب أسباب هذين الحالين وآلاتهما، وأسباب ذلك التدبير بالمأكول، والمشروب، واختيار الهواء، وتقدير الحركة، والسكون، والعلاج بالدواء، والعلاج باليد، وكل ذلك عند الأطباء بحسب ثلاثة أصناف من الأصحاء والمرضى والمتوسطين الذين نذكرهم ونذكر أنهم كيف يعدون متوسطين بين قسمين لا واسطة بينهما في الحقيقة.


    كما راينا, فان ابن سينا تطرق الى كيفية الوصول الى تاج الصحة الذي لا يراه الا المرضى على رؤوس الاصحاء, كما يقال. وذلك من خلال الاسباب الاربعة : المادية والصورية والفاعلية والغائية.
Working...
X