X

شاعر وقصيدة .. ابن زريق البغدادي ..

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • أنيس
    Thread Author
    VIP
    • Sep 2018 
    • 1283 
    • 585 
    • 1,001 

    ابن زريق البغدادي هو : أبو الحسن علي أبو عبد الله بن زريق الكاتب البغدادي، وهو شاعر عباسي، ارتحل عن موطنه الأصلي متجهاً إلى بلاد الأندلس، باحثاً عن سعة الرزق، وليونة العيش، أن تاركاً زوجته ( وقيل محبوبته )في بغداد رغم حبّه لها،
    ورغم معارضتها لسفره لما أصابه من ضيق العيش، حيث قرر الذهاب لامتداح ملوك الأندلس علّهم يجزلون عليه بالعطاء، فيتغير حاله لأفضله، ويعود إلى محبوبته ,
    إلا أنّ الحظ لم يحالفه، ولم يجني ما ذهب بحثاً عنه، فأصابه الكمد، ومرض، ومات في بلاد الغربة ,
    وما نقل عن موته أنه مدح الأمير أبو الخير عبد الرحمن الأندلسي، ومدحه مدحاً بليغاً ، إذ إنّه نظم قصيدة عظيمة فيه،
    فما كان من الأمير أبو خالد إلا أن أعطاه عطاءً قليلاً بقصد الاختبار أو التعرف على سجايا الشاعر ,
    الأمر الذي أشعر ابن زريق بعبثية ارتحاله إلى الأندلس ، نظرًا لقلّة ما أخذه ، وهذا ما دفعه لتذكّر حبيبته ، وتركه لها وطول البعد بينهما،
    وهذا مما زاد به غمّاً وحزناً فكتب لها هذه القصيدة ,
    وعندما تفقده الأمير عبد الرحمن أبو الخير ليجزل له العطاء وجده ميتاً وبجانبه القصيدة التي سنعرضها وهي :
    لا تعذليه فإن العذل يولعه ... قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه
    جاوزت في نصحه حداً أضر به ... من حيث قدرت أن النصح ينفعه
    فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلاً ... من عنفه فهو مضني القلب موجعه
    قد كان مضطلعاً بالخطب يحمله ... فضلعت بخطوب البين أضلعه
    يكفيه من روعة التنفيذ أن له ... من النوى كل يوم ما يروعه
    ما آب من سفر إلا وأزعجه ... عزم إلى سفر بالرغم يزمعه
    يأبى المطالب إلا أن تكلفه ... للرزق سعياً ولكن ليس يجمعه
    كأنما هو في حل ومرتحل ... مؤكل بفضاء الله يذرعه
    إذا الزمان أراه في الرحيل غنى ... ولو إلى السند أضحى وهو يقطعه
    وما مجاهدة الإنسان واصلة ... رزقاً ولا دعة الإنسان تقطعه
    قد قسم الله بين الناس رزقهم ... لا يخلق الله من خلق يضيعه
    لكنهم كلفوا حرصاً فلست ترى ... مسترزقاً وسوى الغايات يقنعه
    والحرص في الرزق والأرزاق قد قسمت ... بغي ألا إن بغي المرء يصرعه
    والدهر يعطي الفتى من حيث يمنعه ... عفواً ويمنعه من حيث يطمعه
    أستودع الله في بغداد لي قمراً ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
    ودعته وبودي لو يودعني ... صفو الحياة وأني لا أودعه
    وكم تشفع بي أن لا أفارقه ... وللضرورات حال لا تشفعه
    وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحى ... وأدمعي مستهلات وأدمعه
    لا أكذب الله ثوب العذر منخرق ... مني بفرقته لكن أرقعه
    إني أوسع عذري في جنايته ... بالبين عنه وقلبي لا يوسعه
    أعطيت ملكاً فلم أحسن سياسته ... وكل من لا يسوس الملك يخلعه
    ومن غدا لابساً ثوب النعيم بلا ... شكر عليه فعنه الله ينزعه
    إعتضت من وجه خلي بعد فرقته ... كأساً يجرع منها ما أجرعه
    كم قائل لي دقت البين قلت له ... ألذنب والله ذنبي لست أدفعه
    هلا أقمت فكان الرشد أجمعه ... لو أنني حين بان الرشد أتبعه
    لو أنني لم تقع عيني على بلد ... في سفرتي هذه إلا وأقطعه
    يا من أقطع أيامي وأنفدها ... حزناً عليه وليلي لست أهجعه
    لا يطمئن بجنبي مضجع وكذا ... لا يطمئن به مذ بنت مضجعه
    ما كنت أحسب أن الدهر يفجعني ... به ولا أن بي الأيام تفجعه
    حتى جرى الدهر فيما بيننا ... عسراء تمنعني حقي وتمنعه
    وكنت من ريب دهري جازعاً فرقاً ... فلم أوق الذي قد كنت أجزعه
    بالله يا منزل القصر الذي درست ... آثاره وعفت مذ بنت أربعه
    هل الزمان معيد فيك لذتنا ... أم الليالي التي أمضته ترجعه
    في ذمة الله من أصبحت منزله ... وجاد غيث على مغناك يمرعه
    من عنده لي عهد لا يضيع كما ... عندي له عهد صدق لا أضيعه
    ومن يصدع قلبي ذكره وإذا ... جرى على قلبه ذكري يصدعه
    لأصبرن لدهر لا يمتعني ... بد ولا بي في حال يمتعه
    علماً بأن اصطباري معقب فرجاً ... فأضيق الأمر إن فكرت أوسعه
    عل الليالي التي أضنت بفرقتنا ... جسمي ستجمعني يوماً وتجمعه
    وإن تغل أحداً منا منيته ... لابد في غده الثاني سيتبعه
    وإن يدم أبداً هذا الفراق لنا ... فما الذي بقضاء الله نصنعه

Working...
X