X

جامع زيد بن ثابت - دمشق

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • مرجان الأطرش
    Thread Author
    مشرف المنتديات العامة
    • Sep 2018 
    • 513 
    • 190 
    • 228 



    جامع زيد بن ثابت الأنصاري
    المساجد المملوكية في دمشق
    الباحث عماد الأرمشي



    من المساجد القديمة جداً في دمشق ، هُدم ، و شُـيد مكانه جامع حديث رائع البناء ولكنه بعيداً عن جذوره الأولى .

    جامع زيد بن ثابت الأنصاري


    يقع جامع الصحابي الجليل زيد بن ثابت الأنصاري خارج أسوار مدينة دمشق القديمة في منطقة الفحامة بحي باب سريجة ، وقد شُـيد وجُدد هذا الجامع عام 1389 للهجرة الموافق 1969 للميلاد مكان المسجد القديم في نفس الموقع و المجهول تاريخ بنائه في العهد المملوكي .



    ذكره النعيمي في العصر المملوكي بفصل مساجد دمشق ومداخلها : بأنه جامع الثابتية ـ وليس بجامع زيد بن ثابت ـ وبه تربة اسمها تربة ابن التدمري ودفن فيها شمس الدين محمد بن عياش الجوخي وكان هذا الجوخي .. ذا ثروة وأموال كثيرة .. ولم يكن بالجواد على إنفاقها وقد سمع من ابن الخباز و توفي في تاسع عشرة بمنزله بالقرب من حمام يلبغا وصلي عليه بجامع الثابتية ودفن بتربة ابن التدمري بالجامع المذكور وقد جاوز السبعين .
    ومرجعا إلى الآربلي الذي بدوره أشار إليه بسنة 709 للهجرة أنه هو : جامع الثابتية خارج باب الجابية والمنسوب إلى الصحابي الجليل زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري من بني النجار ( كاتب الوحي وجامع القرآن ) الذي وافته المنية رضوان الله عليه بالمدينة المنورة و دفن بالبقيع عام 45 للهجرة في عهد معاوية بن أبي سفيان .



    الدكتور أكرم حسن العلبي كان أكثر وضوحا في تحديد بناء الجامع القديم حين ذكره في كتابه خطط دمشق وقال فيه :
    إن تاريخ بنائه تم حوالي عام 710 للهجرة الموافق 1310 للميلاد في العهد المملوكي . وهذا ما وافق كلام العلامة الكبير الأستاذ محمد أحمد دهمان .. أن أول ذكر لهذا الجامع كان من الأربلي في القرن الثامن للهجرة / الرابع عشر للميلاد عندما قال :
    جامع الثابتية وهو خارج باب الجابية وكان الضريح المنسوب لسيدنا زيد داخل المسجد القديم و يضم في ثناياه قبر محمد بن الخواجا شمس الدين التدمري السكري ، كان من أعيان الشام ، ذو ثروة و مال كبيرين و قام على تجديد المسجد ، ولما توفي دفن فيه سنة 788 للهجرة الموافق 1386 للميلاد .
    وبجوار قبر التدمري يوجد قبر آخر منسوب إلى الصحابي الجليل زيد بن أرقم الذي توفي بدوره في الكوفة و ليس في دمشق و دفن بالكوفة عام 68 للهجرة الموافق 687 للميلاد .
    و ذكر الأستاذ محمود الشقفة : يتم الآن تجديد الساحة الخارجية للجامع 2011 ، ونزل الأستاذ محمود الشقفة إلى حجرة القبر مراراً ، وهو الآن داخل غرفة صغيره في باحة المسجد ، وينزل إليها بدرجات وهي مغلقه ، وقليل من ناس يعرف انه يوجد قبر في المسجد . انتهى .
    و بالجملة أقول كباحث في تفاصيل الموقع لشفافية التأريخ و التوثيق : لا أدري لماذا تم زج اسم الصحابي الجليل سيدنا زيد بن ثابت الأنصاري في تسمية هذا الجامع ؟؟؟ .



    من جهة أخرى ذكره الباحثان الألمانيان كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر عندما قاما بمسح ميداني شامل للأبنية الأثرية والإسلامية بدمشق ضمن البعثة الألمانية العثمانية فذكراه باسم جامع الثابتيه بالصفحة 182 المربع 7 ألف / 2 .
    وقالا : أن الجامع يضم مئذنة .. وسبيل ماء .. وان المئذنة مربعة الشكل و مشيدة من الآجر ، وتشبه مئذنتي باب شرقي و جامع الحنابلة .
    وعلق الدكتور عبد القادر الريحاوي على ما ذكراه الباحثان الألمانيان كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر في كتابهما " الآثار الإسلامية في مدينه دمشق " انه هو جامع زيد بن ثابت نفسه ، هُدم ، و شُـيد مكانه جامع حديث يطل على الشارع الجديد . و الجامع الحديث سمى بنفس الاسم .



    أما الدكتور محمد اسعد طلس ذكره عند إحصائه لمساجد دمشق عام 1942 للميلاد وقال :
    هو جامع زيد بن ثابت . تحت رقم 130 باب السريجة ـ الفحامة ـ وأردف قائلا هو جامع عظيم له جبهة حجرية متقنة ، فيها الباب و شباك الضريح ، وسبيل ، وفوق الباب لوحة فيها :
    جَدَدتْ هذا المكان الحاجة خديجة
    ابتغاء لوجه الله سنة 1135 غفر الله لها و لمن سعى في هذا الخير .
    وهذا التاريخ الهجري سنة 1135 يوافقه بالتاريخ الميلادي 1722 للميلاد .
    وصحن الجامع واسع مفروش بالموزاييك فيه بركة ، و في الجهة الجنوبية رواق يؤدي إلى مصلى قائم على ثلاث قناطر حجرية و أمامها ثلاث أخرى ، وأمامها المحراب و المنبر العاديان .


    في الجهة الجنوبية أربعة شبابيك تطل على حديقة واسعة ، أما الضريح فهو في غرفة يدخل إليها من مقبرة صغيرة قبلي الباب ، والى جانب ضريح زيد بن ثابت المزعوم ، ضريح آخر قيل هو ضريح زيد بن الأرقم . و القبران كتب عليهما آية الكرسي بخط ثلث ، وهذا نمط قبور المماليك ، ومن المعروف أن زيد استشهد يوم اليمامة ، و اختلف في يوم وفاته ، ولم يذكر أحد انه دفن في دمشق ، و للجامع منارة حسنة تشبه منارة المدرسة الماردانية في شكلها و جمالها . انتهى .


    الصورة من تقديم الأستاذ عصام حجار .

    ومرجعاً إلى الصورة الفوتوغرافية الملتقطة بواسطة إحدى الطائرات الفرنسية من الشرق إلى الغرب عام 1933 ، فتبدو مئذنة جامع زيد بن ثابت الأنصاري في يمين الصورة و المشار إليها بالسهم الأبيض مهيمنة على المنطقة و البساتين المجاورة لها ، و تبدو بوضوح في منتصف الصورة مئذنة و قباب جامع التوريزي في محلة ( قبر عاتكة ) من رأس محلة الشويكة . و أقول هنا أن المئذنة القديمة كانت على شاكلة المآذن الأيوبية من حيث الشكل و الطراز.



    هدم المسجد القديم و المسمى جامع الثابتية في نهايات سنة 1968 للميلاد ... و درس القبران اللذان كانا في المدخل الرئيسي للمسجد عند الفسحة القائمة الآن أمام المدخل الشمالي .. دون أن يقام مكانهما أي دليل عليهما .
    وأعيد بناء المسجد على طراز العمائر الإسلامية الشبيهة بجامع تنكز والقصر العدلي بشارع النصر وذكر الشهابي أن المئذنة الحديثة للجامع هي من الطراز المعاصر بتأثير مملوكي .


    فجذعها مثمن الأضلاع ثلاثي الطبقات ، ثنائي الشرفات مزخرف بالمقرنصات و الأشرطة التزيينية ، أما المظلات فلا وجود لها ، و تنتهي الطبقة الثالثة من الجذع بالذروة البصلية مباشرة دونما وساطة الجوسق .


    تفاصيل مئذنة جامع زيد بن ثابت الأنصاري


    تفاصيل مئذنة جامع زيد بن ثابت الأنصاري


    تفاصيل شرفة مئذنة جامع زيد بن ثابت الأنصاري


    تفاصيل شرفة مئذنة جامع زيد بن ثابت الأنصاري


    تفاصيل مئذنة جامع زيد بن ثابت الأنصاري


    صورة فنية رائعة للواجهة الشمالية الشرقية لجامع زيد بن ثابت

    وقد ذكرت المراجع أن جامع زيد بن ثابت الأنصاري هو جامع الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمه الله تعالى مؤسس العمل في المساجد . هو الذي أسسه و لن أدخل بالتفاصيل تفاصيل تأسيسه لأنها ليست من اختصاصي .
    أقول هنا كباحث في أوابد و مساجد دمشق أن البناء الحالي لجامع زيد بن ثابت قد أعيد بناء هيكلته العمرانية بعيدة كل البعد عن جذور الجامع القديم ، وهذا خطأ مضاعف من مهندسي المسجد .. من جهة ، ووزارة الأوقاف أيضا من جهة ثانية .
    فلا بد عند إعادة هيكلة و بناء أي مسجد مراعاة جذوره التي كان عليها كما كان في العصر المملوكي ، وقد لاحظت أن بناء الواجهة الشمالية الشرقية له صارت على نمط بناء ة طراز العمارة الإسلامية الحديثة و هنا مكمن الخطأ !!! .. .


    الواجهة الرئيسية لجامع زيد بن ثابت وقد تم رفعها عن مستواها عن سطح الأرض بثمانية درجات ، ويبدو القوس الكبير المعقود و المزين بفصوص متعددة و المرتكز على عمودين صليبيين متوجين بتاج مقرنص خفيف التجاويف وفي صدره الباب الرئيسي للمسجد و هو باب حديث مصنوع من الحديد و تم تغطيته بالزجاج الداخلي و فوقه نافذتان متطاولتان معقودتان بقوسين مدببة بهما مشغولات خشبية جميلة ، مما يسترعي القول أن المساجد المملوكية لم تكن على هذه الشاكلة .


    الواجهة الرئيسية لجامع زيد بن ثابت و المعقودة بقوس متعدد الفصوص .


    ويوجد عند ساكفة الباب لوحة رخامية وهي اللوحة التأسيسية للجامع ما نصها :

    مسجد
    سيدنا زيد بن ثابت الأنصاري
    1389 هـ رضي الله عنه 1969 مـ



    جانب من الواجهة الرئيسية لجامع زيد بن ثابت و المعقودة بقوس متعدد الفصوص



    جانب من الواجهة الرئيسية لجامع زيد بن ثابت و المعقودة بقوس متعدد الفصوص و مزخرف بزخارف جميلة .
    تم إبراز جزء من الواجهة الشمالية الشرقية للجامع ، و تبدو نوافذ الطابق العلوي المعومدة و المعقودة بأقواس مدببة وقد سماها الدكتور قتيبة الشهابي رحمه الله ( أقواس مغربية التصميم ) ، أما الرواق المعقود تحتها فهو معقود بقوسين تامين .


    الرواق المعقود بقوسين تامين .




    الأقواس المغربية التصميم
    يرتفع فوق الباب قبة الجامع الغير متجانسة ألبته مع شكل الجامع ككل و شكل المئذنة ، وهذا ما لفت انتباهي هو عدم تناسقها كقبة جامع ضخم ... و مئذنة جميلة رشيقة القوام مع حجم القبة الصغير ، ولا أدري ما الحكمة من صِغر حجمها رغم وجود مساحة كافية وواسعة لبناء قبة أكبر و أضخم وأجمل منها ؟؟


    قبة الجامع الصغيرة الحجم .
    وهذه القبة هي قبة مساء السطح ولكنها مدببة الشكل ، و ترتكز الى رقبة مرتفعة بشكل غير متناسق ومثمنة الأضلاع ، يزينها ثماني فتحات متطاولة مقوسة و مدببة أيضا .


    قبة جامع زيد بن ثابت


    قبة جامع زيد بن ثابت


    والقبة بهذا الشكل تشبه الجوسق المملوكي فوق رأس مئذنة والتي تأتي بدورها و تعود الى الجذور المملوكية .. مع فارق البناء .


    و ترتفع المئذنة فوق الزاوية الجنوبية الشرقية لبناء الجامع ، وهي مئذنة حديثة الطراز وقد أقيمت على نسق مآذن دمشق المشيدة على الطراز المعاصر بتأثيرات مملوكية الطراز .


    الزخارف البسيطة على الواجهة الجنوبية
    بينما تم بناء الواجهة الجنوبية و بقية الواجهات الخلفية للجامع على طراز العمارة الحديثة التي ظهرت في مدينة دمشق في ستينات القرن العشرين والتي لا تمت إلى أي طراز معماري بصله ، فكانت الواجهات عادية جداً وهي من الطراز المألوف في نظام الأبنية بتلك الحقبة .


    ولهذه الواجهة الجنوبية نوافذ عادية جداً مستطيلة الشكل على طول الواجهة مما حرم المسجد من التقنية الفنية لبناء المساجد التي لها جذور مملوكية .


    حرم بيت الصلاة حرم عادي لا يوجد فيه أي أثر مملوكي ... بما في ذلك محرابه و منبره وهو كبقية المساجد الحديثة العهد المبنية في منتصف القرن العشرين . الكسوة الداخلية للمسجد عادية جداً ، وأرضه مفروشة بالموكيت العادي الذي أخذ شكل محراب لكل مصلي لوحده . وحتى ان المنير و المحراب عاديان كما هي منابر و محاريب المساجد المبنية في النصف الثاني من القرن العشرين .


    المحراب مبني من الرخام الأبيض و المطعم بقطع هندسية من الرخام الأسود و قد توج بكتابة من آيات القران الكريم بخط نسخي جميل ما نصها :




    فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36)
    سورة النور

    وتحتها الآية الكريمة :
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)
    سورة الحج
    1389 ـ 1969



    محراب جامع زيد بن ثابت


    حرم بيت الصلاة
    و عموماً أقول أن الجامع مجدد مرتين .. الأولى سنة 1125 للهجرة الموافق عام 1713 للميلاد .. و الثانية عندما نقض المسجد بالكامل و أعيد بناؤه عام 1388 للهجرة الموافق عام 1969 للميلاد . و قد روعي بناء سبيل للماء كما كان في الماضي على بابه وهو عبارة عن صنبور مياه يتغذي من مياه عين الفيجة ( لكنه معطل ) برعاية راعي السبيل كما ورد في اللوحة الرخامية المثبتة عليه .



    بسم الله الرحمن الرحيم
    الفاتحة
    وسقاهم ربهم شرايا طهورا
    انشىء هذا السبيل على روح المرحوم
    أديب صبحي البندقجي


    و الجدير بالذكر أن الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه ولد سنة عشرة للهجرة واستشهد سنة أربع وخمسين بعد الهجرة تقريباً في يوم اليمامة و اختلف في يوم ومكان وفاته ، ومنهم من قال بالمدينة المنورة ، ولم يذكر احد أنه دفن بدمشق ، وكان عالماً بالفرائض.
    وقال أبو هريرة حين مات : اليوم مات حبر هذه الأمة وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً..
    في الختام :
    أود أن أقدم جزيل الشكر للأستاذ يامن عارف صندوق الذي خاطر بنفسه لالتقاط صور للمسجد من أسطح الأبنية المجاورة للجامع كي تبدو هنا واضحة المعالم في هذا البحث .

    إعداد عماد الأرمشي
    باحث تاريخي بالدراسات العربية والإسلامية لمدينة دمشق

    جميع الصور
    بعدسة الأستاذ الفنان : يامن عارف صندوق .. جزاه الله خيراً

    المراجع :

    ـ الدارس في تاريخ المدارس / الشيخ عبد القادر بن محمد النعيمي الدمشقي
    ـ مشيدات دمشق ذوات الأضرحة و عناصرها الجمالية / د. قتيبة الشهابي
    ـ خطط دمشق دراسة تاريخية شاملة / د . أكرم حسن العلبي 1989
    ـ ذيل ثمار المقاصد في ذكر المساجد / د. محمد أسعد طلس
    ـ في رحاب دمشق / العلامة الشيخ محمد أحمد دهمان
    ـ مآذن دمشق تاريخ و طراز / د. قتيبة الشهابي
    ـ الآثار الإسلامية في مدينه دمشق / تأليف كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر، تعريب عن الألمانية قاسم طوير، تعليق الدكتور عبد القادر الريحاوي
    - Damaskus: die islamische Stadt / Carl Watzinger & Karl Wulzinger

Working...
X