X

جامع المدرسة الفتحية دمشق

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • مرجان الأطرش
    Thread Author
    مشرف المنتديات العامة
    • Sep 2018 
    • 513 
    • 190 
    • 228 



    جامع المدرسة الفتحية
    يقع جامع المدرسة الفتحية أو جامع الفتح كما يسميه أهل القيمرية داخل أسوار مدينة دمشق القديمة بمحلة القيمرية نفسها شرقي الجامع الأموي و على بعد 200 متر من باب جيرون الأثري .



    الخريطة من إعداد و تنفيذ السيدة نور الطرزي
    وقد قام على بناء الجامع و المدرسة الفتحية عام 1156 للهجرة ـ 1742 للميلاد ، كما ورد اسمه في تعليق الدكتور قتيبة الشهابي عن مآذن دمشق هو : فتحي الدفتردار أو الدفترداري ، و عند زيارتي الميدانية للجامع شتاء 2002 وجدت لوحة رخامية مثبته على باب الجامع ما نصها :
    المديرية العامة للآثار و المتاحف
    جامع المدرسة الفتحية
    بناها " فتحي بن محمد القلاقنسي " متولي التكية السليمانية
    1156 هجرية ـ 1742 ميلادية
    MOSQUE OF AL FATHYYEH MEDRESEH
    QURAN SCHOOL 1742 A.D
    أما وقد أضافوا عليها باللغة الإنكليزية مدرسة لتعليم القرآن 1742 للميلاد.



    وقد وجدت بكتاب الآثار الإسلامية في مدينه دمشق للبعثة الألمانية العثمانية التي قامت بإجراء مسح ميداني شامل للأبنية الأثرية والإسلامية بدمشق ما ذكره الباحثان أن اسمه جامع و مدرسة القيمرية صفحة ـ 128 ـ وليس جامع المدرسة الفتحية وقالا : أن الجامع و المدرسة تشكلان مجموعة عمرانية تُعرف باسم جامع والمدرسة القيمرية ، تشبه هذه المنشأة في مخططها مدرسة عبد الله باشا العظم ، ويتألف البناء من صحن شمالي تحف به أروقة محمولة على أعمدة غليظة ، وتقوم خلف الأروقة غرف مؤلفة من طابقين .



    ويتابع الباحثان الألمانيان شرح الكتلة المعمارية للجامع ، و ذكرا أن المئذنة تقع في الشرق وهي مجاورة للمدخل الرئيسي . أما الحرم و الرواق الذي يتقدمه فإنه يقع في محور الصحن . يطل رواق الحرم على الصحن أقواس حدوية ترتكز على حوامل ( كونسول ) . تتمتع الأجزاء السفلية للدعامات بحزمة مقلوبة من الأعمدة التزيينية الرقيقة .



    في حين أن قبة واحدة تغطي الحرم ، نجد أن الرواق الأمامي بتمتع بثلاث قباب ، لكن جميعها يرتكز على رقاب مثمنة الشكل ، يهيمن نظام المداميك المتناوبة بين اللونين الأبيض و الأسود على البناء بأكمله بما في ذلك بلاط الصحن و أروقته و رقاب القباب و مثلثاتها ، أما مداميك الجدران الخارجية فقد تم طلاؤها بالأبيض و الأسود للتأكيد على التناوب اللوني نفسه .
    وأوضح لنا الشيخ عبد القادر بن بدران في منادمة الأطلال بسياق حديثه عن المدارس الفتحية في دمشق فقال هن ثلاثة مدارس :
    الأولى : المدرسة الفتحية الشافعية المبنية عام 626 للهجرة يوافقه 1228 للميلاد
    الثانية : المدرسة الفتحية الحنفية برحيبة خالد المبنية عام 626 للهجرة يوافقه 1228 للميلاد
    الثالثة : جامع المدرسة الفتحية المبنية عام 1156 للهجرة الموافق 1742 للميلاد ، وهي حديثة العهد وهي مشهورة بمحلة القيمرية حسنة البناء ذات حجرات وغرف ومسجد حسن ويظهر لمن تأملها أنه كان لها مطبخ يتناول منه المجاورون بها طعامهم المخصص لهم من وقفها إعانة على طلب العلم لكن الناظرين على وقفها .. اختلسوا أوقافها ... ومنعوا الطلبة من حقهم ... وباعوا جانبا منها .. فلم تسلم هي ولا غيرها من المدارس من تعديات المختلسين للأوقاف بحيث أصبح ذلك الفعل سُنة متبعة عند المتأخرين من الدماشقة وعند قضاتهم ولقد تأملتها فرأيت مكتوبا على أسكفة بابها ما صورته : [/justify]
    قد وفق الله من حباه ... لكل ما يرضى مراده *** بنى لكسب العلوم داراً ... و مسجداً شيد للافاده
    فجاء تاريخه ببيت ... قد أَحكمته يد الأجاده *** لله ما قد بنى و أحيا ... من مسجد الفتح للعبادة
    سنة 1156 هجرية



    وتاريخ البناء سنة ست وخمسين ومائة بعد الألف ومكتوب أيضا على اسكفة باب المسجد
    من كان للخيرات أهلا نجا ... والله كاف من إليه التجا
    حسن به الظن تنل بره ... فهو ولي النعم المرتجى
    يا ناظر اترك على العين الذي ... وفق للمعروف لها الحجى
    قد أتوا أرخ طالب الدعا ... الواقف الفتح بباب الرجا



    قال المرادي في سلك الدرر ما ملخصه : فتحي بن محمد بن محمد ابن محمود الحنفي القلاقنسي تركي الأصل ، دمشقي المولد ، شامي النشأة ، الدفتري الصدر الكبير ، كان بدمشق صدر أعيانها ، اشتهر بمحاسن الشيم والشهامة والجرأة والإقدام ، وكان ذا نباهة وذكاء وثروة ، وصار دفتريا بدمشق مدة سنوات ، وتولى تولية وقفي التكية السليمانية ، وتصدر بدمشق مدبر الأمور والملأ والجمهور .
    كان ذا خدم وأتباع واتساع دائرة ، يصطحب من العلماء والأفاضل شرذمة إجلاء ، ومن الأدباء زمرا ، وكان عنده فئة من الكتاب المتقنين للخطوط ومن أرباب المعارف والموسيقى والألحان ومن المضحكين ..
    وبالجملة فقد كانت داره متنزه الرواح ومنتدى الأفراح ، وامتدحه الشعراء من البلاد واشتهر صيته في الآفاق ، وقد جمع مدائحه أحد ندمائه الشيخ سعيد السمان في كتاب سماه الروض النافح فيما ورد على الفتح من المدائح .
    وأضاف المرادي إن فتحي القلاقنسي كان ظلمه عاما ، وأتباعه مشهورون بالفساد والفسوق وشرب الخمر وهتك المحرمات ، وهو أيضا متجاهر بالمظالم لا يبالي .... ولا يتجنب الأذى والتعدي ، ومن آثاره في دمشق المدرسة التي في محلة القيمرية والحمام في محلة ميدان الحصى وتجديد منارتي التكية السليمانية وغير ذلك



    ولما كان القلاقنسي ذا يد طولى وعلو قدر يتصدى للاستطالة في أقواله وأفعاله ... كثر أعداؤه ، ولما توفي الوزير سليمان باشا العظم والي الشام وأمير الحج ، وجاء الأمر من قبل الدولة بضبط أمواله ومتروكاته ... نسب فتحي القلاقنسي إلى أمور في ذلك الوقت ، فخرج منها بتولية أسعد باشا العظم واليا على دمشق ثم إن القلاقنسي كان منتميا إلى أوجاق اليرلية ، وكانوا على غاية من الاستبداد والشقاء والفساد ... إلى أن كتب أسعد باشا بأفعالهم إلى الآستانة .
    فجاء الأمر بقتلهم كلهم واستئصالهم ، فقتلوا إلا أن أسعد باشا أخفى فتحي بن محمد القلاقنسي عنده مدة ... ثم جرت أمور إلى أن ورد الأمر بقتله أيضا ، فجيء به إلى سرايا دمشق ، وخنق في إحدى جهاتها ، وقطع رأسه ، وأرسل للدولة وطيف بجثته في دمشق ثلاثة أيام في شوارعها وأزقتها ... مكشوف البدن عريانا ، وضبطت الدولة أملاكه فكان شيئا كثيرا ، وكان ذلك خامس عشر جمادى الثانية سنة تسع وخمسين ومائة وألف (1159 هجرية ـ 1746 ميلادي . ) ودفن بتربة الشيخ أرسلان .
    و قد بين لنا الدكتور أسعد طلس عند إحصائه لمساجد دمشق ضمن تحقيقه لذيل كتاب ثمار المقاصد في ذكر المساجد ليوسف بن عبد الهادي الشهير بابن المبرد بأن اسم الجامع في زمانه هو جامع الفتحية تحت رقم 225 بالقيميرية السوق ، هو جامع المدرسة الفتحية وبانيها فتحي ابن محمد بن محمد بن محمود القلاقنسي كما ذكرنا آنفا .. و لجامع المدرسة جبهة حجرية نفيسة بزخارفها ، فيها شباكان و بينهما الباب و فوقه أبيات من الشعر في تأسيس الجامع .
    و الصحن مفروش بالحجارة البيضاء و السوداء الجميلة ، فيه ثلاث قناطر شرقية و ثلاث غربية ، فيها غرف أرضية و علوية ، و فيه بركة ماء اثنا عشرية لطيفة . وفي الجنوب إيوان ضخم جميل من حجارة يقوم على ثلاث قناطر ، فوقها ثلاث قباب بديعة الزخرفة و تحت القبة الثانية باب المصلى الخشبي المطعم .



    أما القبلية فتقوم على قنطرتين ، ومن فوقهما قبة لها اثنتا عشر كوة ، ومن تحتها أربع شبابيك جصية بديعة الزخرفة ، ويحيط بالقبلية متران من الحجارة المطعمة و الملونة ، والمحراب ذو زخارف حجرية بديعة و فوقه كتابة ما نصها :

    أحكَمَ الفتح فيه مسجداً يُتلا ... محكم الذكر بالعبادة زاه
    فجزاه عنه المهيمن خيراَ ... و حباه الرضى بأرفع جاه
    ما دعاة الفلاح و الدين نادت ... في البرايا للرشد بالانتباه
    أرخوا واجعلوا الهدى بأمن ... حرماً آمنأ بفتح الله .



    و المنبر من خشب لطيف النقوش ولكنه مشوه بدهان حديث و عليه ما يلي : [/justify]
    نال الثواب به و الفتح ارخه ... وطاب منبر هدى شاده الفتح
    سنة 1158 هجرية
    وفي شرقي القبلية حرم صغير له باب و شباكان الى القبلة ، وللجامع منارة تقع فوق الباب مثمنة من حجارة سوداء و بيضاء ، وهذا المسجد من أروع التحف الفنية بزخارفه و نقوشه و منجوره . انتهى.



    في أثناء زيارتي الميدانية الثانية للجامع صيف 2005 للميلاد ضمن التحقيق الشامل الذي أجريه عن المساجد الشامية في مدينة دمشق فأقول : كانت أعمال الصيانة جارية فيه على قدم وساق ، وكان سؤالي أمين الجامع فقال : اللوحة التأسيسية التابعة للمديرة العامة للآثار و المتاحف تذكر هي الأصح في التسميات ( هيك قالوا لي عند تركيبها من زمان و بنوها بزمن السلطان العثماني محمود الأول ) .
    تحتل المدرسة و الجامع مساحة كبيرة من حارة الشامية بالقيمرية ، وتتألف من طابقين وصحن كبير للجامع ، ويوجد في الصحن الفسيح فسقية ماء للوضوء متوسطة الحجم اثنا عشرية الأضلاع .



    البناء كلل ثلاثي التطعيم ـ أبلقي مبني من الحجارة السوداء و البيضاء و الرمانية المزي بشكل متناسق جذاب ، وغني بالزخارف و النقوش و المدكك و المقرنص ، وقد جُمع للبناء كافة جماليات العمارة الشامية و العثمانية ، و الداخل للجامع و المدرسة يشعر براحة نفسية لا يمكن وصفها من جمال البناء و عبق الماضي المجموعين معاً في هذه البقعة الطاهرة .



    فواجهات الحرم الخارجية مؤلفة من مداميك الحجارة الأبلقبة الثلاثية الألوان بشكل متناوب ، وهو طابع جميع جدران هذه المدرسة . وأخذ البناء شكلاً مربعاً تحف جوانبه أروقة مسقوفة بالقباب ففي الجهة القبلية من الصحن رواق كبير يقوم على أربع قناطر عالية البناء محززة الشكل هن الأساس الحامل لقباب حرم بيت الصلاة فيها أروقة مسقوفة بالقباب متعددة فوق كل قوس ، وتتوزع على الأطراف الباقية عدة قناطر رائعة التصميم محمولة على أعمدة فيها غرف كبيرة وإيوانات موزعة على الجهات الباقية كانت تستخدم للدراسة وكمسكن لطلبة العلم .


    وتهيمن على بيت الصلاة قبة متوسطة الحجم محمولة على عنق أبلقي كبير مؤلف من عدة نوافذ ذات زجاج معشق ، ويحمل القبة أربعة أقواس محمولة على أركان الجدران و يُطوق القبة الكبيرة ستة قباب صغيرة الحجم وكأنهن بناتها يُحطن بها و يوجد في الطابق العلوي غرف سكن طالبي العلم تطل جميعها على صحن المدرسة و الجامع ومسقوفة بالقباب ، وجميعها مبنية من مداميك الحجارة الأبلقبة الثلاثية الألوان بشكل متناوب وغنية بالزخارف و النقوش و خاصة المدكك و المقرنص ، فيها ما حَوَتْ من أشجار الليمون و الكباد و النارنج ومختلف أنواع قصص الزهور و الورود و الرياحين .



    مئذنة الجامع أبلقية الحجارة مثمنة الجذع فيها شرفة حجرية أخذت شكل الجذع محمولة على مساند حجرية منحوتة بشكل جميل في كل ضلع يحيط بها درابزين حديدي وترتفع فوقها مظلة خشبية عثمانية الطراز ، ويعلو الشرفة جوسق مثمن عليه رأس مخروطي هرمي عثماني الطراز .

    إعداد عماد الأرمشي
    باحث تاريخي بالدراسات العربية والإسلامية لمدينة دمشق

    المراجع :
    ـ سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر / محمد خليل بن علي المرادي
    ـ منادمة الأطلال و مسامرة الخيال / الشيخ عبد القادر بن بدران
    ـ ذيل ثمار المقاصد في ذكر المساجد / د. محمد أسعد طلس
    ـ مآذن دمشق تاريخ و طراز / د. قتيبة الشهابي
    ـ الآثار الإسلامية في مدينه دمشق / تأليف كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر، تعريب عن الألمانية قاسم طوير، تعليق الدكتور عبد القادر الريحاوي
    - Damaskus: die islamische Stadt / Carl Watzinger & Karl Wulzinger
    ـ موقع البروفسور مايكل غرينهلغ / الجامعة الوطنية الاسترالية
    Demetrius at the Australian National University Art Serve
    Professor Michael Greenhalgh


Working...
X