X

حديث الذكريات معرض دمشق الدولي الجزء الثالث

المنتدى العام

 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts
  • مرجان الأطرش
    Thread Author
    مشرف المنتديات العامة
    • Sep 2018 
    • 513 
    • 190 
    • 228 



    حديث الذكريات عن معرض دمشق الدولي .الجزء الثالث




    في نهاية عام 1959 و على ضوء النجاح الكبير الذي حققه المعرض بدورته السادسة .. تقرر مد مساحة أرض المعرض للدورة السابعة و التي ستقام في صيف عام 1960 باتجاه الغرب في المنطقة الفارغة خلف منطقة الملعب البلدي الجديد و المسرح .
    واحتلت المساحة الجديدة لأرض المعرض ( موقع النادي الأهلي ) والذي كان متواجداً عند زاوية ساحة الأمويين .. وتم نقله إلى منطقة الربوة قبل الطريق الآخذ إلى المزة من شارع بيروت ، وتم تحويل هذه المنطقة برمتها إلى أجنحة جديدة و سوقاً للبيع .


    صورة نادرة لأرض المعرض و ساحة الأمويين ملتقطة من الجنوب الشرقي الى الشمال الغربي بعد عام 1959 و بعد بناء السيف الدمشقي على أعتاب ساحة الأمويين .

    يبدو في أقصى يمين الصورة مبنى ( القيادة العامة للجيش و القوات المسلحة ـ قيادة الأركان العامة ) و نلاحظ الأرض الخالية بجانب الأركان و قد نهضت فيما بعد مكتبة الأسد الوطنية ، و كذلك نرى الشارع الذي شق في عام 1956 للميلاد وسط النيرب الأعلى من سفح جبل قاسيون عبر بساتين المادنة والدهشة الكبيرة وبستان النيرب الأدنى ماراً بجسر الإياسة فوق نهر تورا بمحاذاة جامع بدر بشارع حاتم الطائي حاليا الى ساحة الأمويين ، وقد أطلق على هذا الشارع اسم شارع العقيد عدنان المالكي اثر اغتياله يوم 22 نيسان عام 1955 للميلاد خلال مباراة لكرة القدم كان يرعاها بين منتخب سورية ومصر بالملعب البلدي بدمشق .
    كذلك نرى في أقصى يسار الصورة الأرض الخالية والتي شيد عليها في عام 1977 فندق شيراتون دمشق . و عليه : أصبحت ساحة الأمويين ملتقى لشارع بيروت من الغرب .. و لشارع شكري القوتلي من الشرق ، و لشارع عدنان المالكي من الشمال . فكان هذا الشارع رديف هام لشارع أبو رمانة و الواصل من حي المهاجرين إلى وسط البلد .



    في عملية توسع أرض المعرض ، تم بناء مجمعاً كبيراً ضخماً له أربعة أبواب على زوايا البناء وفيه محال تجارية .. أطلق عليه اسم ( سوق البيع ) حيث تباع فيه معظم المنتجات المعروضة في الأجنحة ، من زيوت الزيتون والصابون ، والسكاكر الدمشقية الصنع وكذلك الملبس والمربيات و جميع أنواع الفواكه المجففة بالإضافة إلى البسكويت و العطور و الصابون وكافة أنواع المنسوجات الشامية و السروجية و الكونسورة و ألعاب الأطفال و كل ما يخطر على البال من إكسسوارات النساء ، و كان السوق مزدحماً جداً كثافة الزوار و المحلات التجارية العاملة به على حد سواء .
    صورة نادرة لمنطقة سوق البيع ويبدو في مقدمة الصورة السوق نفسه و التراس الكبير للسوق و به مظلات الواقية من أشعة الشمس ، وكانت تطوى عند الغروب أي في الساعة السابعة مساءً ، وكانت الجلسة هناك من أرقى و أجمل الجلسات الصيفية والمطلة على شلال المياه عند نهاية سور المعرض و على المسطحات الخضراء و نوافير المياه .
    كما يظهر نهر بردى بحلقاته المتتابعة لنوافير المياه و الأعمدة الضخمة الحاملة لأعلام الدول المشاركة بالمعرض في منصف طريق شكري القوتلي ، ثم أبواب المعرض ( باب المسرح ) ثم ( باب القصر ) ، والأشجار الباسقة تغطي المنطقة بأجملها .



    تم استغلال سطح سوق البيع و جعله شرفة ( تيراس ) كبير جميل على طول امتداد السوق من الناحية الشرقية إلى الناحية الغربية و تم تزويده بدرج داخلي يصعد إليه من مركز السوق ، ثم تم استحداث درج خارجي عريض يستوعب كل القادمين من منطقة المعرض القديم إلى منطقة سوق البيع و كان يقدم فيه وجبات عشاء مختلفة الأنواع و الأصناف بالإضافة إلى المشروبات الساخنة و الباردة .



    يطل هذا التراس على ساحة سوق البيع الغاصة بكافة أنواع البحرات الرائعة ، و خاصة عند إنشاء شلالاً ضخماً جدا في صدر الساحة عند نهاية سور المعرض و تم تزيينه بكافة أنواع الورود و الزهور و المجسمات على هيئة طيور البجع وكذلك بالنوافير المائية و الإنارة الجميلة المتغيرة الألوان والأطياف بشكل تلقائي مما جعلها أكثر مناطق المعرض ازدحاماً بالزوار مما دفع الإدارة إلى إضافة اجنحة جديدة مثل سوق الصناعات اليدوية و كذلك انشاء باب جديد للمعرض تخفيفا للزحام هو باب الأمويين و المتاخم لساحة الأمويين نفسها .



    البحرات الجميلة و المجسمات التي تتوسط البحيرة أمام سوق البيع و المتاخمة للشلال و باب الأمويين و تم تزيينه بكافة أنواع الورود و الزهور و المجسمات على هيئة طيور البجع وكذلك بالنوافير المائية و الإنارة الجميلة المتغيرة الألوان والأطياف بشكل تلقائي مما جعلها أكثر مناطق المعرض ازدحاماً بالزوار.



    وكلما ذكرتُ منطقة سوق البيع و الحدائق الغناء فيها ... جالت على مسامعي أغنية فيروز طالت نوى ... و كأن هذه الأغنية هي توأم للشام و لساحات الشام و حاراتها ... كأنها شقيقة الروح لأيام المعرض و لياليه خاصة أواخر فصل الصيف حيث الموعد السنوي لفيروز مع الشام ومع ليالي المعرض حين أنشدت فأبدعت :

    طالَتْ نَوَىً وَ بَكَى مِن شَـوْقِهِ الوَتَرُ
    خُذنِي بِعَينَيكَ وَاهْـرُبْ أيُّها القَمَرُ
    لم يَبقَ في الليلِ إلا الصّوتُ مُرتَعِشاً
    إلا الحَمَائِمُ .. إلا الضَائِـعُ الزَّهَـرُ
    خُذنِي .... آآآه .... خُذنِي.....
    خُذنِي بِعَينَيكَ وَاهْـرُبْ أيُّها القَمَرُ
    لي فيكَ يا بَرَدَى عَهـدٌ أعِيـشُ بِهِ
    عُمري .. وَيَسـرِقُني مِن حُبّهِ العُمرُ
    عَهدٌ كآخرِ يومٍ في الخـريفِ بكى
    وصاحِباكَ عليهِ الريـحُ والمَطَـرُ
    هنا التّرَاباتُ مِن طِيبٍ و مِن طَرَبٍ
    وَأينَ في غَيرِ شامٍ يُطرَبُ الحَجَرُ؟
    شـآمُ أهلوكِ أحبابي .. وَمَـوعِـدُنا
    أواخِرُ الصَّيفِ .. آنَ الكَرْمُ يُعتَصَرُ
    نُعَتِّـقُ النغَمَاتِ البيـضَ نَرشُـفُها
    يومَ الأمَاسِي ، لا خَمرٌ ولا سَـهَرُ
    قد غِبتُ عَنهمْ وما لي بالغيابِ يَـدٌ
    أنا الجَنَاحُ الذي يَلهـو به السَّـفَرُ
    يا طيِّبَ القَلـبِ .. يا قَلبي ..
    تُحَـمِّلُني هَمَّ الأحِبَّةِ إنْ غَابوا وإنْ حَضِروا
    شَـآمُ يا ابنةَ ماضٍ حاضِـرٍ أبداً
    كأنّكِ السَّـيفُ مجدَ القولِ يَخْتَصِرُ
    حَمَلـتِ دُنيا عـلى كفَّيكِ فالتَفَتَتْ
    إليكِ دُنيا ، وأغضَـى دُونَك القَدَرُ
    خُذنِي .... آآآه .... خُذنِي.....
    خُذنِي بِعَينَيكَ وَاهْـرُبْ أيُّها القَمَرُ



    صورة ليلية لشلال منطقة سوق البيع و يظهر بالعمق باب الأمويين . السحر والجمال ينساب كالشلال



    يظهر في يسار الصورة جزءً يسيراً من شلال ضخم و جميل جداً هو شلال المعرض . أما المعدات الظاهرة بالصورة : هي معدات جناح ألمانيا الغربية .. إستأجروا هذا القسم لعرض المعدات الثقيلة في حالة التشغيل و العمل ... و بعيداً عن رؤوس الزوار و بعيداً عن الجناح الألماني حيث كان عند بحيرة القصر في منتصف المعرض للأمن و السلامة فقط و الرافعة البرجية من نوع ( ليبهير ) و هذه أذكرها تماما لأني صعدت الى كابينة القيادة فوق كما يظهر خلفها السيف الدمشقي الشهير .



    ساحة الأمويين مزدانة بأنواع عديدة من المصابيح الكهربائية الصغيرة بالإضافة الى الأشكال الهندسية الجميلة ذات الطراز الإسلامي تزين رؤوس الأعمدة ابتهاجاً بمناسبة معرض دمشق الدولي و يبدو في العمق السيف الدمشقي مزدان بأعلام الدول المشاركة في تلك الدورة .
    كان أهل الشام يقضون سهرات جميلة في أحضان هذه الساحة الجملية ، و نهر بردى يجاورهم في جريانه ، ونوافير المياه تتراقص على أنغام موسيقى إذاعة المعرض ، و يتمتعون بالهواء القادم من خانق الربوة و بساتين كيوان ، ويفترشون سندسها الأخضر اليانع ، وكان الباعة على اختلاف مواردهم يلازمون الزوار ، منهم من يدفع بعربته ليبيع الشاي ، و منهم من يبيع الذرة الشامية المسلوقة منها والمشوية ، ومنهم من يبيع المقالي والفلافل ، و منهم من تخصص ببيع النيفا و اللسانات مع البقدونس و الليمون و الثوم و البندورة .
    كانت طريقة عرضهم للمأكولات شهية جداً ... تجلبك بقوة لتشتري سندويشة ، ناهيك عن بائعي الصبارة المزاوية ، والتين البعل و تفننهم في صفها و ترتيبها .
    كانت أيام جميلة ... بهيجة .... كلها بركة ... ضاعت في غياهب الزمن... لتغير إحساس الناس ...أو لانعدام إحساس الناس بالفرح .... شتان بين الماضي و الحاضر .



    السيف الدمشقي

    وتكملة للتوسعة التي طالت منطقة سوق البيع و شلالات المياه فقد ارتفع في مطلع ستينات القرن العشرين في ساحة الأمويين نصب تذكاري جميل ضخم ، ذو وجهان متقابلان ، الواجهة الغربية تطل على ساحة الأمويين نفسها ، والواجهة الشرقية تهيمن على منطقة سوق البيع ، وعلى باب معرض دمشق الدولي ( أو ما يسمى بباب الأمويين ) ، وقد تم وضع لوحات من البلاستيك الشفافة بداخله ، تمثل أعلام الدول المشاركة في الدورة السابعة للمعرض عام 1960 ، وجرى عُرفاً بتغييرها كل سنة بحسب الدول المشاركة .
    و أنا شاهد عيان على فترة تشييده ... كنت أرقب بنائه كل يوم من نافذة الباص ـ باص المزة ، خط كيوان ـ عندما نمر من ساحة الأمويين متجهاً إلى مدرستي و كذا في طريق العودة إلى البيت . و أعرف أيضاً المعاناة الجمة التي لاقت العمال أثناء صب الإسمنت ضمن خرسانة البناء ، والتزامهم بموعد تسلم النصب التذكاري في الموعد المحدد ، قبيل افتتاح الدورة السابعة للمعرض بنهاية شهر آب / اوغسطس من عام 1960 .
    بعضاً من أهل الشام أطلقوا عليه اسم عمود الوحدة ( الوحدة بين سوريا و مصر ) بناء ً على أمر صدر من ( قصر القبة ) في القاهرة و بتوقيع الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة ( الإقليم الشمالي و الإقليم الجنوبي ) لبناء نصب تذكاري في ساحة الأمويين ( عاصمة الأمويين ) على هيئة السيف الدمشقي الشهير ( بالسيف الأموي أو سيف معاوية بن أبي سفيان ) .
    البعض الآخر أسموه : عمود المعرض ( أو النصب التذكاري لمعرض دمشق ) ، و ذهب بعض الظرفاء من أهل الشام .. فأطلقوا عليه اسم ( خازوق الوحدة ) .
    وعلق تاج الشام السيد / ابو احمد الطحان فقال : أحاول ألا أبكيك ياشام .. ولكن جرح القلب فيك قد مدا .... ، كان مهرجانا بكل معنى الكلمة .. وكنت تشعر بالرقي الاجتماعي في كل الوجوه والعبارات ... الآن وبعد أربعين سنة .... تنافسنا دبي بجمال تصاميم المرافق العامة .. لولا تراجعنا حضاريا .. ياحسرتاه
    أصدرت المؤسسة العامة للبريد طوابع بهذه المناسبة وأضحى عرفاً لجميع دورات المعرض .



    نصب السيف الدمشقي

    السيف الدمشقي :
    التسمية الرسمية له هي : السيف الدمشقي ، لما للسيف الدمشقي من مكانة عند أهل دمشق و براعة صناعته ، كدليل يرمز لقوة سورية ومنعتها وهو ينتصب حاملاً إرثها الحضاري ومختزلاً تاريخاً من العراقة والأصالة والانجازات . وما لبث هذا النصب التذكاري أن صار واحداً من أشهر معالم و رموز مدينة دمشق المعمارية ، و شعاراً للقناة الأولى في التلفزيون السوري .
    ذكرت بعض المصادر أن من وضع مخططات هذا النصب هو مهندس ألماني ـ أو سويدي ، إلا أنها لم تلق موافقة على التصميم ، ولم تنسجم مع روح السيف الدمشقي و خاصة أن بنائه كان متاخماً لوزارة دفاع الجمهورية العربية المتحدة ، فأحيلت المخططات إلى المهندس ( محمد رضا مرتضى ) فأعاد تصميمه و نفذه من جديد .
    و ذكرت مصادر أخرى إلى أن مصمم و منفذ النصب هو الفنان القدير ( عبد القادر أرناؤوط ) ، فيما ذهبت مصادر أخرى أن منفذ النصب هو المهندس ( سامي قدح ) .. و لعل باحث أخر يفيدنا بصاحب التصميم و التنفيذ .


    ومع انتقال معرض دمشق الدولي إلى مدينة أرض المعارض في شارع المطار ... فَقَدَ هذا النصب الفكرة التي أنشأ من أجلها لوضع أعلام الدول المشاركة به .
    فتم تكليف الفنان ( إحسان عنتابي ـ عميد كلية الفنون الجميلة ) بتجديد واجهتي النصب واللتين صممهما الفنان عبد القادر أرناؤوط ، فاستخدم الزجاج المعشق ، واستبدلت فكرة وضع أعلام الدول المشاركة بمعرض دمشق الدولي بالأشكال الهندسية المجردة بشكل زخرفي فني جميل ، يمزج بين النار والوردة ... ليكون هذا النصب واحداً من أهم وأكبر واجهات الزجاج المعشق في العالم .

    [S]شَـآمُ يا ابنةَ ماضٍ حاضِـرٍ أبداً
    كأنّكِ السَّـيفُ مجدَ القولِ يَخْتَصِرُ
    [/S]




    لم يقتصر نشاط المعرض على الأجنحة الدولية و المعروضات الزراعية و الصناعية و الغذائية للدول المشاركة ، وحتى الشركات الخاصة الصناعية والتجارية ومراكز الأعمال والنشاطات الاقتصادية ... بل تعداه إلى الفعاليات الفنية والثقافية المرافقة لأيام فترة المعرض ، و قد تزامن ذلك في كل دورة من دورات المعرض .. تقديم عروض مسرحية وغنائية لأشهر المغنين و المطربين و صار يمثل المهرجان الغنائي والمسرحي الذي تشارك فيه فرق مسرحية من مختلف دول العالم ، وكذلك المهرجان والحفلات الفنية الذي شارك ويشارك فيها سنويا نخبة من المغنين و أهمهم



    السيدة فيروز و الأخوين الرحباني :
    لم تكتف مدينة دمشق باحتضان السيدة فيروز و الأخوين الرحباني عبر إذاعتها فقط وإنما فتحت لها مسرح معرض دمشق الدولي عن طريق مدير المعرض آنذاك السيد / فيصل دالاتي الذي عرض عليهم المشاركة في مهرجان فني جديد على خشبة هذا المسرح ، ولتقدم أغانيها ومسرحيتها حية على الهواء مباشرة ، وأول مرة وقفت فيها السيدة فيروز على مسرح المعرض كانت في شهر أيلول / سبتمبر عام 1956 من خلال موسم المعرض وقدمت في حفلتها تلك و المتضمنة مجموعة من الموشحات الأندلسية مثل : جادك الغيث , لما بدا يتثنى , ثم مجموعة جميلة من ألحان عاصي الرحباني مثل يسعد صباحك و المسا ، يا قمر أنا وياك , ما في حدا لا تندهي, وكان في مقدمة الحضور في تلك الحفلة الزعيم الوطني المرحوم فخري البارودي رحمه الله ، طبعاً بمرافقة فرقة الرحابنه الموسيقية وفرقة الدبكة الشعبية اللبنانية.‏



    و غنت فيروز كثير من الأغاني الوطنية الرائعة و الخالدة للشام نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
    ـ ( بردى ) ـ (سائليني ً يا شآم ) ـ (قرأتُ مجدَكِ في قلبي و في الكُتُـبِ) ـ ( شام يا ذا السيف ) ـ ( نسمت من صوب سوريا الجنوب ) ـ (يا ربى لا تتركيني ورداً و لا تبقي أقاحا ) ـ (طالت نوى )
    ـ ( مر بي مر بي يا واعداً ) ـ ( يا شام عاد الصيف ) ـ ( بالغار كلّلت أم بالنار يا شام ) ـ (قصيدة دمشق ) ـ ( أحب دمشق ) ـ ( حملت بيروت ) الخ .......

    من ضمن المطربين الكبار الذين وقفوا على خشبة مسرح معرض دمشق الدولي :
    السيدة / أم كلثوم ، وغنت عام 1957 : ( رباعيات الخيام ) ، و ( يا اللّي كان يشجيك أنيني ) ، ثم غنت في عام 1958 رائعتها ( دليلي احتار ) بحضور صبري العسلي و فخري البارودي و أغنيتها الخالدة (أهل الهوى ياليل ) .
    أما عبد الحليم حافظ : فقد قدم مجموعة من أغانية الجميلة في عام 1958 إبان الوحدة بين مصر و سوريا و أهمها : أي كلمة حب حلوة ، و قلولو ... الخ .....
    لست هنا بصدد تفنيد من وقف على خشبة مسرح معرض دمشق لحصرهم بالأسماء كي لا تغبن أحداً ... بل ذكرت أشهر من وقف على تلك الخشبة في تلك السنوات...و القائمة طويلة جداً .
    و تحضرني طرفة من أحد ظرفاء الشام الأستاذ الأديب ( حسني تللو ) حين روى لنا طرفة ظريفة عن إحدى حفلات السيدة أم كلثوم في الشام فقال :
    حين جاءت أم كلثوم من بيروت إلى الشام لتغني في جنينة المنشية بدمشق ، رافقت والدي لسماع وصلاتها الغنائية .
    وقال بالعامية الشامية : ( طال انتظارنا لبدأ الحفل … و نعس أبي و دبلت جفونه فنام ) . و ظهرت أم كلثوم بوصلتها الغنائية الرائعة .. و هو نائم …. و عندما انتهت …. صحي . ولكن سلطان النوم كان يغالبه فغفى مرة أخرى مع الوصلة الغنائية الثانية فنام بعمق .
    وكان قاعد جنبي أحد كبار القوم..
    فقال لي: دخلك مين هالحمار يللي قاعد جنبك ؟
    قلت له: أبي...!!
    قال لي: الله يبارك لك فيه.. وهالسلالة انشالله ما بتنقطع !!..



    من ذكرياتي الجميلة التي يحتضنها الوجدان الى الآن هي بهجة الحضور الى المعرض .. إلى الأجواء الأرستقراطية بكل معنى الكلمة ..... إلى المجتمعات المتحضرة بثقافتها العالية .. وأناقتها المتميزة ة بلباسها و عشرتها ...
    كنا ونحن في ريعان الصبا .. نتوق لجمع الدعايات و البروشورات و الملصقات التي تُوزع في أجنحة المعرض ، و نحرص حرصاً شديداً لكسب اكبر قدر ممكن من الدعايات ... مع أننا لا نفقه شيئاً مما ورد فيها .
    و أخص بالذكر أجنحة الدول الاشتراكية في تلك الآونة ، وعلى رأسها جناح الإتحاد السوفيتي ، و تسائلني نفسي ؟؟ هل الدول الاشتراكية .. كانت أكثر ثقافة ... وأكبر شأناً .... و أرفع منزلة من الدول الرأسمالية ... أم أنها تحمل شعارات جوفاء لا تطبيق لها على أرض الواقع .... ؟؟؟



    وفي الختام أقول :

    هل بقي معرض دمشق الدولي ... كما كان في الماضي ظاهرة عالمية يتغنى بها الكثيرون .... ووصفه الشعراء والمؤرخون .... وتغنى به المطربون والملحنون ..... ، وأهل النثر والعابرون .... في كتبهم وأشعارهم وألحانهم ..... أم أن نجمه أفل ... و تاه بالضمور ... فشاخ عمره .. و شحب لونه ... و خف بريقه ... عاماً بعد عام ... ؟؟؟؟
    وهل إزالته من مكانه في نهاية العقد السابع من القرن العشرين إلى أرض المعارض على طريق مطار دمشق الدولي لتوسع رقعته .. كان في الاتجاه الصحيح ؟؟؟ .
    ومن المسئول على تغير المفاهيم و تقييم النجاح ؟؟؟
    هل هي بقعة الأرض التي لعبت دوراً هاماً في نجاحه ؟! .... أم أن إدارة المعرض لم تتمكن من القيام بواجبها الصحيح ؟! .... أم أن مفاهيم الناس قد تغيرت في اتجاهات المعارض التخصصية ... أكثر منها من المعارض الشمولية ؟؟؟؟
    هذه الأسئلة ظلت ترافقني مذ أن بدأت كتابتي لهذا البحث وحتى هذه اللحظة ... متمنياً أن يعود معرض دمشق الدولي كما كان بالماضي شعلة متوهجة متألقة في سماء الشام و سوريا و الوطن العربي .



    صورة ملتقطة من الغرب إلى الشرق لساحة الأمويين يتوسطها إعلاناً دعائياً لشركة الطيران العربية السورية على شكل ( كرة أرضية ) يبرز من منتصفها يداً حاملةً لشعلة متوهجة : هي شعاراً يرمز إلى حزب البعث العربي الاشتراكي و ثورته التي أوصلته إلى سدة الحكم في الثامن من آذار عام 1963 . و يبدو بالعمق النصب التذكاري لمعرض دمشق الدولي ( السيف الدمشقي ) حاوياً أعلام الدول المشاركة بتلك السنة ، كما يبدو في أقصى اليسار جزءً من مبنى سوق البيع داخل مدينة المعرض .


    إعداد عماد الأرمشي
    باحث تاريخي بالدراسات العربية والإسلامية لمدينة دمشق



    صور المعرض من :
    موقع دمشق بالأبيض و الأسود على الفيسبوك .
    موقع المتحف الفوتوغرافي السوري
    Musée Photographique de la Syrei
    الدكتورة / اعتدال معروف
    الدكتور / نزار حسيب القاق
    الدكتور / هادي البحرة
    الستاذ / محمد بسام سلام
    المهندس / همام سلام
    الأستاذ / أسامة الحفار
    الأستاذ / عصام حجار
    الدكتور / هيثم قدح
    تم تنقيح و ترميم الصور الأستاذ / مهند الحلبي / نعيم المدني


    المراجع :
    ـ مدينة دمشق / د. صفوح الخير
    ـ دمشق الشام / الأستاذ أيوب سعدية
    ـ خطط الشام / الأستاذ محمد كرد علي
    ـ دمشق تاريخ و صور / د. قتيبة الشهابي
    ـ المفكرة الثقافية / د . مهيار عدنان الملوحي .
    ـ موسوعة دمشق الشام / للباحث عماد الأرمشي
    ـ دمشق أقدم عاصمة في التاريخ / للباحث حسن الصواف
    ـ صفحات منسية من تاريخ المعرض في دمشق / د. مازن المبارك



    نفـوسٌ أبـاةٌ ومـاضٍ مجيـدْ **
    وروحُ الأضاحي رقيبٌ عَـتيدْ **
    فمِـنّا الوليـدُ و مِـنّا الرّشـيدْ **

    فلـمْ لا نَسُـودُ ولِمْ لا نشـيد ؟؟ ...


Working...
X