عن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان كيف كان يصوم ؟
كيف كان يتسحر ؟ كيف كان يفطر ؟ كيف كان يقضي يومه فيه ؟
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينوي الصيام كل يوم وكان يتسحر مع إحدى زوجاته يأكل قليلا من الطعام ربما كان يتسحر على تمرات أو شيئا قليلا من الطعام مع شرب الماء وكان أحيانا يتسحر مع بعض الصحابة ففي الصحيح أنه تسحر هو وزيد بن حارثة رضي الله عنه ثم بعدما ينتهي من السحور كان يصلي مقدار ما يقرأ الإنسان خمسين آية من القرآن حتى يؤذن لصلاة الصبح ثم يصلي النبي صلى الله عليه وسلم سنة الصبح ركعتين خفيفتين وينتظر في بيته حتى يستأذنه بلال في إقامة الصلاة ثم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم من حجرات نسائه لأنها لصيقة بالمسجد، فيصلي بالناس صلاة الصبح
وكان يجلس في المسجد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس فينتظر قرابة الثلث ساعة أو يزيد ثم يصلي ركعتين وأخبر أن من فعل هذا كمن حج واعتمر وله الثواب كاملا.
رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان ( 2 ) وكان صلى الله عليه وسلم في بيته مع زوجاته في خدمتهم بل كان يلاطفهن ويداعبهن حتى في رمضان بل إنه ربما كان يقبل زوجاته وهو صائم وهذا شيء خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم إذا كان قبل المغرب كان يقول أذكار المساء وبعض الأدعية فإذا أذن للمغرب طلب من زوجاته أن يأتوا له بالفطور فكان يفطر قبل أن يصلي المغرب وكان يفطر على رطبات فإن لم يجد فتمرات فإن لم يجد حسا حسوات من ماء فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات فإن لم تكن حسا حسوات من ماء”.
ثم كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد إفطاره فريضة المغرب في المسجد ثم يعود إلى بيته فيصلي سنة المغرب البعدية ويجلس مع زوجاته حتى إذا أذن للعشاء يصلي السنة القبلية في بيته ثم يخرج يؤم الناس في صلاة العشاء وقد صلى التراويح بالصحابة في المسجد ثلاث مرات ثم لم يخرج إليهم خشية أن تفرض عليهم فكان يرجع إلى بيته ويصلي من الليل ما شاء الله تعالى له فكان يطيل الصلاة وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها
كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ؟
فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة
يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً
ثم إذا انتهى من الصلاة نام صلى الله عليه وسلم قبل أن يصلي الوتر فتسأله عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر ؟
قال: يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي وذلك أن من السنة أن لا ينام الإنسان حتى يصلي الوتر قبل نومه لكن هذه خصوصية للرسول عليه الصلاة والسلام.
وكان من عادته صلى الله عليه وسلم أنه ربما جامع زوجته في ليل رمضان ثم ينام ولا يستيقظ حتى يؤذن للفجر فيقوم وهو جنب فيغتسل ثم يذهب لصلاة الفجر وهو هنا صلى الله عليه وسلم يعلم الأمة أن الصيام إنما هو في نهار رمضان وليس الليل وقت صيام أو امتناع عن المباحات إنما الامتناع يكون بالنهار دون الليل وكان صلى الله عليه وسلم يشغل نفسه في رمضان
بقراءة القرآن والصلاة والذكر والصدقة والصيام ولا يأكل إلا قليلا وربما كان يواصل الصيام يومين وثلاثة ويقول: ” إنما أبيت عند ربي يطعمني ويسقين”. وهو صلى الله عليه وسلم يضرب المثل في الصبر على الجوع ويعلم أمته أن رمضان ليس شهر أكل وشرب ولهو
كما هو الحال في كثير من بيوت المسلمين وإنما يعلمهم صلى الله عليه وسلم أنه شهر عبادة وطاعة لله تعالى. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قيام الليل في بيته بعد أن ترك صلاة القيام في المسجد خشية أن تفرض ولما كان آخر أيام من رمضان عاد فجمع بناته ونساءه والمؤمنين للصلاة مرة أخرى جماعة. فكان يصلي من الليل ثم يكون مع أهله ثم يتسحر ثم ينتظر صلاة الفجر فيصلي سنة الصبح في البيت ثم يخرج لصلاة الفريضة جماعة في المسجد
رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان ( 4 ) كما كان صلى الله عليه وسلم
يكثر من الصدقة في رمضان على الفقراء والمساكين ويزيد صدقاتهم في رمضان عن غيرها حتى وصفه الصحابة رضوان الله عليهم في صدقته في رمضان كأنه الريح المرسلة من كثرة نفقته ومسارعته بمواساة الفقراء والمساكين في هذا الشهر الفضيل كما كان النبي صلى الله عليه وسلم
يعتكف في المسجد في العشر الأواخر في رمضان ولما كان آخر عام في حياته صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرين يوما وكان يجتهد في هذه العشر ابتغاء إصابة ليلة القدر كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله: ” تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان” وكان يقول لأصحابه: ” أرى رؤياكم قد تواطأت في العشر الأواخر فمن كان متحريا فليتحرها في العشر الأواخر”. وكان يحب كثرة الدعاء فيها كما في سنن الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «قلت: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أدعو به ؟
قال:
قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني”. وكان يوقظ أهله في العشر الأواخر للاجتهاد في العبادة لا يتركهم ينامون كما أخرج الترمذي بسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان”. ويضرب النبي صلى الله عليه وسلم القدوة للزوج أن يكون حريصا
على طاعة أهله لله تعالى لا أن يكون حريصا على طعامهم وشرابهم ومنامهم وجميع شؤون دنياهم ثم يتركهم ودينهم وقد قال ربنا سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}
يُروى ان أحد الحمقى ضاع حماره فنذر إن وجده أن يصوم ثلاثة أيام فوجده وصام ولكن الحمار مات بعد ذلك فقرر صاحبه الأحمق أن يخصم الأيام الثلاثة التي صامها من شهر رمضان ..............
ويروى عن زوجة ساذجة أن زوجها كان يشتري المكسرات والزبيب والقطين ويضعها في البيت ويقول لها: هذه لرمضان وقد صدف أن كان زوجها في عمله ومر سائل ببابها فقالت له: من أنت ؟
فأجاب أنا رمضان فقالت له انتظر لك عندي أمانة وأعطته كل ما لديها من مؤن رمضان التي اشتراها زوجها وخزنها .................. ويحكى أن زوجة ساذجة أيضاً لديها طفل اسمه رمضان وعلى ذلك كلما حل الشهر الكريم فهي تغير اسمه إلى شوال وتظل تنادي عليه: تعال يا شوال تعال يا شوال وذلك لكي يمر رمضان على خير بدون تعب ومشقة ويأتي بعده شهر شوال حسب ترتيب الأشهر القمرية
دخل أحد الحمقى على أحد الخلفاء في إحدى الليالي الرمضانية
وهو يأكل فدعاه الخليفة ليأكل فقال إني صائم يا أمير المؤمنين فسأله
هل تصل النهار بالليل
؟ فأجابه لا
ولكني وجدت صيام الليل أسهل من صيام النهار
وحلاوة الطعام في النهار أفضل من حلاوته في الليل
......................
قيل لبعض الحمقى كيف صمتم في رمضان ؟ فأجابوا
اجتمعنا ثلاثين رجلاً فصمناه يوماً واحد
.......................
أهدى أحد الأدباء في شهر رمضان صديقاً له نوعاً من الحلوى قد فسد مذاقها لقدمها وبعث معها بطاقة كتب فيها : إني اخترت لهذه الحلوى السكر المدائني والزعفران الأصفهاني
فأجابه صديقه بعد أن ذاق طعمها : والله ما أظن حلواك هذه صنعت إلا قبل أن تفتح المدائن وتبنى أصفهان.
من فضائل الصوم أنه من أسباب تكفير الذنوب، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللّهِ كَانَ يَقُولُ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ. وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ. وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» وفي الصحيحين عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: «سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ، وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيةَ». ومن فضائل الصوم أنه كفارة للذنوب وفي الحديث: «عن حذيفة قال: قال عمر رضى الله تعالى عنه من يحفظ حديثا عن النبي في الفتنة ؟
قال حذيفة:
أنا سمعته يقول: فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة
قال ليس أسأل عن هذه إنما أسأل عن التي تموج كما يموج البحر قال
وإن دون ذلك بابا مغلقا قال: فيفتح أو يكسر قال يكسر قال ذاك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة
روى البُخاريّ ومسلم من حديث
عبدالله بن عُمر بن الخطَّاب رضِي الله عنْهُما قال:
سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليْه وسلَّم يقول:
انطلق ثلاثةُ رهْطٍ ممَّن كان قبلكم
حتَّى أوَوا المبيتَ إلى غارٍ فدخلوه
فانحدرتْ صخرةٌ من الجبل فسدَّت عليهم الغار
فقالوا:
إنَّه لا يُنجيكم من هذه الصَّخرة إلاَّ أن تدعوا الله بصالِح أعمالكم فقال رجُل منهم:
اللَّهُمَّ كان لي أبَوانِ شيْخان كبيران
وكنت لا أغْبق قبلهما أهلاً ولا مالاً
فنأى بي في طلب شيءٍ يومًا فلم أرُح عليهما حتَّى ناما،
فحلبتُ لهُما غبوقَهما فوجدتُهما نائمَين
وكرهت أن أغبقَ قبلَهما أهلاً أو مالاً
فلبثْتُ والقدح على يدي أنتظِر استيقاظَهُما حتَّى برق الفجْر
فاستيْقَظا فشرِبَا غبوقَهما اللَّهُمَّ إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتِغاء وجْهِك ففرِّج عنَّا ما نحن فيه من هذه الصَّخرة فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج قال النَّبي صلَّى الله عليْه وسلَّم :
وقال الآخَر:
اللَّهُمَّ كانتْ لي بنتُ عمّ
كانت أحبَّ النَّاس إليَّ
فأردتُها عن نفسِها
فامتنعتْ منِّي حتَّى ألمَّت بها سَنةٌ من السنين
فجاءتْني فأعطيتُها عشرين ومائة دينار على أن تُخلي بيْني وبين نفسِها
ففعلتْ
حتَّى إذا قدرتُ عليْها قالت:
لا أحلّ لك أن تفضَّ الخاتم إلاَّ بحقِّه
فتحرَّجت من الوقوع عليْها
فانصرفتُ عنْها وهي أحبُّ النَّاس إليَّ
وتركت الذَّهَب الَّذي أعطيتُها اللَّهُمَّ إن كنتُ فعلت ابتغاء وجهِك فافْرُج عنَّا ما نحن فيه فانفرجت الصَّخرة غير أنَّهم لا يستطيعون الخروج منها قال النَّبيُّ صلَّى الله عليْه وسلَّم :
وقال الثَّالث:
اللَّهُمَّ إنّي استأجرتُ أُجراءَ فأعطيْتُهم أجرَهم غير رجُل واحدٍ
ترَك الَّذي له وذهب
فثمَّرت أجْرَه حتَّى كثُرَت منه الأموال
فجاءني بعد حين فقال:
يا عبد الله
أدِّ إليَّ أجْري، فقلتُ له:
كلُّ ما ترى من أجرِك، من الإبل والبقر والغنم والرَّقيق
فقال:
يا عبد الله لا تستهزئْ بي
فقلت:
إنِّي لا أستهزئُ بك
فأخَذه كلَّه فاستاقَه
فلم يترك منْه شيئًا اللَّهُمَّ فإن كنت فعلتُ ذلك ابتِغاء وجْهِك فافرجْ عنَّا ما نحن فيه فانفرجتِ الصَّخرة فخرجوا يَمشون
حديث الحب والبغضاء عن أبي هريرة رصى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه قال: فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء قال: ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه قال: فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه قال: فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليه العشر الأواخر
من شهر رمضان
جد واجتهد شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله فالمطلوب من المسلم فعله أن يجد وأن يجتهد لعله يدرك ليلة القدر تلك الليلة التى جعلها الله سبحانه وتعالى أحد الليالى العشر الأخيرة من رمضان تلك الليلة التى لها من الأجر العظيم يكفى قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}.